الأمراض العقلية.. انتشار وخطورة الأمراض النفسية على المجتمع والإنتاج

من الإسهامات المهمة التي كان لها دور فعال في مجال تقدم الطب النفسي الخاص بطبيعة الأمراض العقلية، هو إسهام بكتريف (1857 -1927) في دراسة الظواهر المتعلقة بمختلف ظواهر الأعراض العقلية.
بيد أن أسلوبه في هذا الشأن لم ينج مما وجه إليه من نقد حاد على أساس أنه تبنى في العلاج النفس وجهة نظر مادية بحتة.
غير أن هذه الهنات لم تقلل من جهده شيئا، إذ أن بحوثه العلمية في ميادين الطب النفسي وعلم التشريح وعلم الأعصاب وعلم النفس قد بقيت شاخصة في هذا المضمار.
ويشير مرجع الكسندر وسيلزنك عن تاريخ الطب النفسي إلى أن الجمهور والحكومة والمهتمين بالصحة أصبحوا يعون أن الأمراض النفسية تمثل خطرا على البشرية لا يقل عن أشد الأمراض الجسمية خطورة، وأنه بقدر وجود واحد من كل عشرة أشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية يعاني نوعا من المرض النفسي، وأن ثلاثة عشر بالمائة من الشباب الذين يفحصهم الجيش الأمريكي يتبين أنهم غير مناسبين للخدمة العسكرية بسبب اضطرابات نفسية، وأن بليونا ونصف من الدولارات يضيع سنويا في أمريكا بسبب تغيب الناس عن أعمالهم نتيجة اضطراباتهم النفسية، وأننا بدأنا ندرك أخيرا هذه الضربة الفادحة التي تأخذها الأمراض النفسية من طاقات البشر وانتاجيتهم.
ويؤيد جيلمر نفس الرأي في مدى انتشار وخطورة الأمراض النفسية على المجتمع والإنتاج، عند إشارته إلى قضاء واحد من كل ثلاثة عشر فردا، جزءا من حياته في مستشفى عقلي، وإلى أن واحدة من كل ثلاث عائلات فيها - على الأقل - واحد من أفرادها يعاني مشكلة انفعالية خطيرة، وأن نصف أسرة المستشفيات في الولايات المتحدة الأمريكية يشغلها مرضى عصبيون ونفسيون.
كما يضيف جيلمر أن هناك من البيانات ما يشير إلى أن مشكلة الأمراض والاضطرابات النفسية في أوروبا لها نفس الخطورة والحدة.
وعلى الرغم من عدم توافر بيانات مماثلة عن الواقع الفلسطيني والعربي إلا أننا نتوقع من - استقرائنا لظروفنا - تزايد انتشار وخطورة هذه الأمراض والاضطرابات النفسية، وإن كانت تقل عنها في المجتمعات التي سبقتنا في التقدم والمدنية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال