تعرف الجهاز المناعي على المتسللين.. التعرف على البروتين الغريب المخالف لبروتينات الجسم وتوليد أجسام مضادة من بروتين البلازما

تعرف الجهاز المناعي على المتسللين:

إن عمل الجهاز المناعي في الدفاع عن الجسم يعتمد في الأساس على التعرف على البروتين الغريب المخالف لبروتينات الجسم.. وتوليد أجسام مضادة من بروتين البلازما بواسطة خلايا ليمفاوية خاصة.

وفي حالة دخول نفس البروتين الغريب – أو نفس الميكروب - مرة ثانية للجسم فإن الذاكرة (memory) المناعية تتعرف على هذا البروتين أو الميكروب الغريب، وتعمل الأجسام المضادة الخاصة به على الاتحاد معه وإزالته، فلا تحدث العدوى مرة ثانية.

وتظهر هذه الآلية في التفاعل المناعي بالجسم الحي عندما يتم حقن حيوان تجارب للمرة الأولى ببروتين غريب عنه (أنتيجن) وتقدير كمية الأجسام المضادة المتولدة عند الحيوان في سائل الدم (serum).

تكوين الأجسام المضادة:

فبعد الحقنة الأولى يبدأ تكون الأجسام المضادة التي تصل إلى كمية كافية لحماية الجسم بعد فترة زمنية (refractory period) تقدر بحوالي أسبوعين.
فإذا تركنا الحيوان (أرنبًا مثلاً) بعد ذلك لبعض الوقت، ثم عاودنا الحقن بنفس الأنتيجن للمرة الثانية؛ فإننا نلاحظ ارتفاع معدل كمية الأجسام المضادة في سائل الدم (serum) عند الحيوان بسرعة وبكمية كبيرة.

تحصين الجسم باللقاحات:

وقد تمت الاستفادة من ذلك في تحصين الجسم باللقاحات والأمصال المجهزة من ميكروبات مضعفة أو ميتة، أو من سموم ميكروبية مثبطة.
هذه الأمصال عند حقنها في الجسم – بجرعات محسوبة وغير ضارة – تكون لها المقدرة على استفزاز الخلايا الليمفاوية المناعية لإنتاج أجسام مضادة لها.
هذه الأجسام المضادة تمنح الجسم مناعة وتحميه من العدوى بنفس الميكروب.

اللقاحات والأمصال:

وقد امتدت فكرة اللقاحات والأمصال لتدخل بعض الميكروبات المضعفة في تركيب أنواع من الأدوية يتناولها المريض في بعض الحالات – حسب إرشاد الطبيب - بغرض تنشيط الجهاز المناعي وتحفيزه؛ لتكوين أجسام مضادة لهذه الأنواع الميكروبية، يواجه بها الجسم العدوى الخارجية التي تسببها هذه الميكروبات.

ففي حالة الإنسان العادي - الذي لا يعاني من مشاكل مناعية - سوف يتعرف جهازه المناعي بكفاءة على أي جسم غريب يتسلل أو يجتاح الجسم بصورة أو بأخرى، وسوف يعمل على تخليص الجسم من ذلك "الدخيل".
وهذه العملية التي تتم من أجل حماية الجسم في الظروف العادية للإنسان قد يقوم بعض الأطباء بتثبيطها في حالات علاجية خاصة (immunosuppressive treatment) مثل حالات زرع الأعضاء (transplantation)، أو يحاول الأطباء مجاوزة حالة المقاومة المناعية في الزرع باستخدام أنسجة من نفس الجسم لزرعها في أماكن أخرى لنفس الشخص؛ لكي لا يتم رفضها ومحاربتها من الجهاز المناعي.

تثبيط المناعة عند زراعة الأعضاء:

أما في حالة زراعة أعضاء من أجسام أخرى؛ فإن الشخص المستقبل للزرع يكون عرضة لأنْ يعمل جهازه المناعي على محاربة العضو الجديد – أو النسيج المخالف - المزروع في الجسم.. لهذا فإن الأطباء يحاولون التحكم في تفاعلات الرفض من جهة الجسم باستخدام جرعات علاجية مثبطة لعمل الجهاز المناعي بصفة عامة في مواجهة أي نوع من أنواع البروتين المخالف لبروتينات الجسم (non-self or foreign protein).

ولكن هذه المعالجة التثبيطية للجهاز المناعي تتجه - مع المعاملات الطبية الحديثة - إلى محاولة جعلها متخصصة، ومثبطة للتوجه المناعي المقاوم لبروتين معين، وهو البروتين المختص بعملية الزرع، مع احتفاظ بقية توجهات الجهاز المناعي بفاعليتها، وذلك باستخدام التقنيات الحديثة للهندسة الوراثية.
ورغم أن التعامل الطبي هنا يتوجه - بصفة مؤقتة - نحو تثبيط الجهاز المناعي، أو تسكين الرفض المناعي للعضو الجديد المزروع في داخل جسم الإنسان؛ إلا أننا قد ندرج هذا التعامل الطبي تحت مسمى العلاج المناعي، أو المعالجة المناعية لحالة عارضة.

الدودة الكبدية:

أما الدودة الكبدية Fasciola فلها أسلوب آخر في تعاملها مع الجهاز المناعي فهي تستطيع تحويل وظيفة الخلية المناعية من خلايا مقاومة إلى خلايا متفرّجة لا تقدم ولا تؤخر حيث تقوم بتبديل وظيفة خلايا الدم البيضاء وتغير من توزيعها، بل وفاعلية سمومها مثل الدودة الكبدية والبلهارسيا S.mansoni والملاريا الفتاكة.
وتسمى هذه الطريقة بـ Modification of leucocyte function.

طفيل الملاريا:

كما يقوم طفيل الملاريا ببعثرة الجهود المناعية وإدخال الجهاز المناعي في معارك بعيدة عنه؛ حتى يخلو له جو السيطرة على العائل عن طريق استثارة الجهاز المناعي لإفراز أجسام مضادة غير متخصصة على الإطلاق، وتسمى هذه الطريقة علمياً بـ Polyclonal lymphocyte activation.

أما النوع الخامس من هذه الوسائل فيكثر في الطفيليات التي تعيش لمدة طويلة في العائل قد تصل إلى عشرات السنين مثل البلهارسيا S. mansoni ألا وهي إنشاء رابطة بين مولد الضد الخاص بها والجسم المضادAntigen antibody interaction وتترسب هذه الرابطة في بعض الخلايا الحيوية مثل الكلى مسببةً الفشل الكلوي، والرئة مسببة الربو الشعبي.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال