الإسقاط.. حيلة لاشعورية لدفع اللوم عن النفس والتحرر من المسؤولية

الإسقاط حيلة لاشعورية ندفع بها اللوم عن أنفسنا، فنتحرر من المسؤولية التي نشعر بها بأن ننسبها للآخرين، ويتخذ الإسقاط مظهرين أساسيين:
أولهما: نسب عيوبنا ورغباتنا المستكرهة إلى غيرنا من الناس، للتخفيف والتقليل مما نشعر به من خجل أو قلق أو ذنب.
فالإرتباك في الناس قد يكون اسقاطا، لعدم ثقة الفرد بنفسه، والشعور بأن الناس يراقبوننا، قد يكون إسقاطا لرقابة الضمير علينا، والشعور بأن الناس يكرهوننا، قد يكون إسقاطا لكرهنا لهم، والكاذب ينسب الكذب، إلى غيره، والزوج الذي تنطوي نفسه على رغبة في حيانة زوجته يميل لإتهامها بالخيانة, كالمثل القائل: "زاني ما يأمن امراته".
وسبب كرهنا لغيرنا هو أننا حينما نكره أحدا، قد نسقط كراهيتنا عليه، فنرى أنه هو الذي يكرهنا، ولسنا الذي نكرهه، فنتخلص من ذلك بنسبته إلى الغير ونفيه عنا، لأن ذلك غير محبذ اجتماعيا، ولأنه يصغرنا أمام أنفسنا.
ولكن هل تقتصر عملية الاسقاط على الأفكار السيئة؟ أم قد يكون الأسقاط لصفات حميدة طيبة؟
بالطبع لا يقتصر الإسقاط على الأفكار السيئة، بل قد يكون أيضا إسقاطا لصفات حميدة طيبة، فالكريم مثلا يصف الناس بالكرم، والشجاع مثلا يتصور الناس شجعانا، والشخص السعيد مثلا يحس بأن الآخرين سعداء.. وهكذا..
ثانيهما: لوم غيرنا من الناس أو الأشياء أو الأقدار أو الحسد أو سوء الطالع ، لومهم بما تلقاه من صعوبات، وما تقع فيه من أخطاء أو فشل... فكثيرا ما نعزو الرسوب في الامتحان إلى صعوبته أو التأخر في الحضور إلى المواصلات، أو الفشل في المشروعات إلى سوء الحظ.
فقديما ألقى آدم اللوم على حواء، فألقت حواء اللوم على الشيطان، فأخرجهما الله - الذي يعلم السر وأخفى - من الجنة.
وكما قال الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا  وليس لزماننا عيب سوانا
والإسقاط في حدوده الطبيعية، حدث يحدث لكل إنسان كل يوم، أما إذا زاد عن حده الطبيعي فيصبح عادة، ثم يصبح غشاوة على بصيرتنا، فنبتعد عن عيوبنا، ونلصقها بالغير.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال