التفلج: من البويضة الملقحة إلى الأريمة - رحلة تفصيلية في الانقسامات الخلوية وتحديد مصير الخلايا الجنينية

التفلج: اللبنة الأولى في بناء الحياة

التفلج، تلك العملية الخفية التي تحدث في رحم الحياة، هي الشرارة الأولى التي تنطلق منها رحلة تكوين الكائن الحي. بعد لحظات من الإخصاب، تبدأ البويضة الملقحة في الانقسام، مشكلةً سلسلة من الخلايا التي ستشكل فيما بعد جسدًا كاملاً. في هذه الرحلة المذهلة، تتوالى الانقسامات، وتتشكل الأنماط، وتتحدد المصائر، لتكشف لنا عن أعظم أسرار الخلق.

مفهوم التفلج:

• التفلج Cleavage هو سلسلة من الانقسامات الخيطية المتتالية التي تخضع لها البويضة المخصبة (الزيجوت)، مما يؤدي إلى تكوين خلايا أصغر حجماً تسمى الفلجات (Blastomeres).
• تتميز هذه الانقسامات بأنها لا يصاحبها نمو في حجم الكتلة الخلوية الكلية، بل يتم تقسيم السيتوبلازم الموجود في البويضة الأصلية بين الخلايا الناتجة.
• يهدف التفلج إلى زيادة عدد الخلايا التي ستشكل الجنين، وتحديد ترتيبها المكاني.

خصائص التفلج:

• انقسامات متتالية: يتميز التفلج بسلسلة من الانقسامات الخيطية السريعة والمتتالية، دون فترة نمو ملحوظة بينها.
• صغر حجم الخلايا: مع كل انقسام، تصبح الخلايا الناتجة أصغر حجماً، مما يزيد من نسبة السطح إلى الحجم، ويسهل عمليات تبادل المواد بين الخلايا والبيئة المحيطة.
• تكوين الأريمة (البلاستولة): ينتهي التفلج بتكوين تركيب كروي مجوف يسمى الأريمة أو البلاستولة، حيث تتراص الخلايا لتشكل طبقة خارجية تحيط بتجويف داخلي يسمى الجويف الأرومي (Blastocoel).
• عدم النمو: على عكس الانقسامات الخيطية العادية، لا يصاحب التفلج زيادة في حجم الكتلة الخلوية الكلية، بل يتم تقسيم السيتوبلازم الموجود في البويضة الأصلية بين الخلايا الناتجة.
• الحفاظ على ترتيب السيتوبلازم: يحتفظ السيتوبلازم بمواقعه المحددة له كما هي في البيضة المخصبة ولا تتغير أجزاءه بقدر كبير.

أنواع التفلج:

تختلف أنماط التفلج بين الكائنات الحية المختلفة، وتعتمد على كمية وتوزيع المح في البويضة.

• التفلج الكامل (Holoblastic Cleavage): يحدث في البويضات التي تحتوي على كمية قليلة من المح، أو التي يكون المح فيها موزعاً بالتساوي. يشمل هذا النوع من التفلج كامل البويضة.
• التفلج الجزئي (Meroblastic Cleavage): يحدث في البويضات التي تحتوي على كمية كبيرة من المح، حيث يقتصر الانقسام على جزء صغير من السيتوبلازم.

أهمية التفلج:

• يعتبر التفلج الخطوة الأولى في تكوين الجنين، ويحدد الترتيب المكاني للخلايا التي ستشكل الأنسجة والأعضاء المختلفة.
• يؤدي التفلج إلى زيادة عدد الخلايا، مما يوفر المواد اللازمة لنمو الجنين وتطوره.
• يساهم التفلج في تحديد محاور الجسم، وتحديد مصير الخلايا المختلفة.