موت الإنسان.. التوقف الكامل الذي لا رجعة فيه لوظائف الجهاز التنفسي والجهاز القلبي الوعائي ولكل وظائف الدماغ بما في ذلك جذع الدماغ

الموت ضد الحياة، وهو في اصطلاح الفقهاء مفارقة الروح للجسد. ونظراً لتعذر إدراك كنه الموت، فقد علق الفقهاء الأحكام الشرعية المترتبة عليه بظهور أماراته في البدن فقد قال ابن قدامة: (إذا اشتبه أمر الميت اعتبر بظهور أمارات الموت، من استرخاء رجـليه، وانفصال كفيه، وميل أنفـه وامتداد جلدة وجهه، وانخساف صدغيه).
هذا ما قاله الفقهاء في تعريف الموت وعلاماته حسب اجتهادهم لأنه لم يرد تعريف الموت لا بالكتاب ولا بالسنة  وإنما وردت بعض أمارات الموت في القرآن كقوله تعالى: "كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق".
وفي السنة فقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن شخوص بصر المحتضر علامة ظاهرة على قبض الروح ومفارقتها للجسد فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الروح إذا قبض تبعه البصر).
ولما كان لا يوجد نص يحدد تعريف الموت، كان لابد من تحديده بالاجتهاد، والاجتهاد يبنى بجانب العلم الشرعي على معرفة بشرية وفهم بالحقائق العلمية، والمعرفة تنمو وتتطور مع نمو العلوم وتطورها، ومن هنا فقد اتفق الفقهاء المعاصرون والأطباء في المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية على أن الشخص يعتبر ميتاً في حالة:
1- التوقف الكامل الذي لا رجعة فيه لوظائف الجهاز التنفسي والجهاز القلبي الوعائي .(Cardio Vasular).
2- التوقف الكامل الذي لا رجعة فيه لكل وظائف الدماغ  (Brain) بما في ذلك جذع الدماغ (Brain Stem).
فقد جاء في بيان المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في البند رابعاً: أن المعتمد عليه عندهم في تشخيص موت الإنسان هو خمود منطقة المخ المنوطة بها الوظائف الحياتية الأساسية  وهو ما يعبر عنه بموت جذع المخ.
كما جاء في البند خامساً: اتجه رأي الفقهاء تأسيساً على هذا العرض من الأطباء إلى أن الإنسان الذي يصل إلى مرحلة مستيقنة هي موت جذع المخ يعتبر قد استدبر الحياة، وأصبح صالحاً لأن تجري عليه بعض أحكام الموت قياساً - مع الفارق- على ما ورد في الفقه خاصاً بالمصاب الذي وصل إلى حركة المذبوح.
أما تطبيق بقية أحكام الموت عليه فقد اتجه الفقهاء الحاضرون إلى تأجيله حتى تتوقف الأجهزة الرئيسية (التعريف الطبي للموت بيان المنظمة الإسلامية ص 912).
وقد وافق مجمع الفقه الإسلامي بجدة هذا الرأي  وقد اتسم البروتوكول السعودي لتشخيص موت الدماغ بمجاراته  لأغلب البروتوكولات العالمية، واعتماده على الفتوى الشرعية في هذا المجال، ونذكر منه قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في عمان الأردن في أكتوبر 1986 والذي يحمل الرقم (5) د 3/07/6 فقد قرر: يعتبر شرعاً أن الشخص قد مات وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعاً للوفاة عند ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين:
1- إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه.
2- إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه و أخذ دماغه للتحليل (نحو تعريف الموت في المفهوم الطبي والشرعي بحث د/حسين مليباري ندوة التعريف الطبي للموت ص 675).
ويجب على الطبيب تحري الدقة المتناهية في حالة تشخيص الموت وخاصة موت الدماغ حتى لا ينقلب قراره إلى حكم بالإعدام وجريمة قتل.
وهذا ما انتهت إليه هيئة الفتوى بوزارة الأوقاف الكويتية في إجابتها على الاستفتاء المقدم من وكيل وزارة الصحة الكويتية حول موت الدماغ والقلب.
فقد رأت اللجنة بعد مناقشة الموضوع أنه لا يحكم بالموت إلا بانتفاء جميع علامات الحياة حتى الحركة والنفس والنبض فلا يحكم بالموت بمجرد توقف النفس أو النبض أو موت جذع المخ مع بقاء أي علامة من العلامات الظاهرة أو الباطنة التي يستدل بها على بقاء شيء من الحياة، كما رأت اللجنة الأخذ بتوصيات مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثالثة المنعقد في عمان بالأردن في 8 من صفر 1407 هـ الموافق 11 من أكتوبر 1986 م بالقرار رقم 5 د 3/7 السابق ذكره.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال