شروط جواز الجراحة الطبية.. حاجة المريض إلى الجراحة وتوفر الأهلية في الطبيب الجراح وأن يغلب على ظنه نجاح الجراحة

إن الحكم بجواز الجراحة الطبية مقيد بشروط أشار إليها الفقهاء وهي مستقاة من أصول الشرع وقواعده وتنحصر في الشروط الثمانية التالية:

الشرط الأول:

أن تكون الجراحة مشروعة:
فلا يجوز للمريض أن يطلب فعل الجراحة ولا للطبيب أن يجيبه إلا بعد أن تكون تلك الجراحة مأذونا بفعلها شرعا، لأن الجسد ملك لله (لله ملك السماوات والارض وما فيهن) فلا يجوز للإنسان أن يتصرف فيه إلا بإذن المالك الحقيقي، والجراحة منها المشروع والممنوع كما سيأتي بيانه.

الشرط الثاني:

أن يكون المريض محتاجا إلى الجراحة:
أي بأن يخاف على نفسه الهلاك أو تلف عضو من أعضاء جسده أو دون ذلك كتخفيف الألم، 

الشرط الثالث:

أن يأذن المريض أو وليه بفعل الجراحة:
فغذا رفض المريض ولو كان يتألم فلا يجوز للطبيب أن يجري الجراحة حتى ياذن له.

الشرط الرابع:

أن تتوفر الأهلية في الطبيب الجراح:
ويتحقق هذا الشرط بوجود أمرين:

- أن يكون ذا علم وبصيرة بالعملية المطلوبة

- أن يكون قادرا على تطبيقها وأدائها على الوجه المطلوب.

فلو كان جاهلا بالكلية كأن تكون خارجة عن اختصاصه أو جاهلا ببعضها فإنه يحرم عليه فعلها، ويعتبر إقدامه عليها في حال جهله بمثابة الجاني المعتدي على الجسم المحرم بالقطع والجرح.

الشرط الخامس:

أن يغلب على ظن الطبيب الجراح نجاح الجراحة:
بمعنى أن تكون نسبة نجاح العملية ونجاة المريض من أخطارها أكبر من نسبة عدم نجاحها وهلاكه، فإذا غلب على ظنه هلاك المريض بسببها فإنه لا يجوز له فعلها.

الشرط السادس:

ألا يوجد البديل الذي هو أخف ضررا من الجراحة: كالعقاقير والأدوية.

فإن وجد البديل لزم المصير إليه صيانة لأرواح الناس وأجسادهم حتى لا تتعرض لأخطار الجراحة وأضرارها ومتاعبها كالقرحة الهضمية في بدايته يتم علاجه بالعقاقير والتي ثبت مؤخرا تأثيرها على القرحة وأنها أنجح العلاجات وأفيدها.

أما إذا كان الدواء أشد خطرا وضررا ولا ينفع في علاج الداء او زواله فإنه لا يعتبر موجبا للصرف عن فعل الجراحة كبعض الأمراض العصبية حيث يمكن علاج المريض بالعقاقير المهدئة لكنها لا تنفع في زوال الداء وقد تسبب الإدمان فوجود البديل على هذا الوجه وعدمه سواء.

الشرط السابع:

أن تترتب المصلحة على فعل الجراحة:
إنما شرعت الجراحة لمصلحة الأجساد ودفع ضرر الأسقام عنها فإذا انتفت تلك المصالح وكانت ضررا محضا فإنه حينئذ ينتفي السبب الموجب للترخيص بفعلها شرعا وتبقى على أصل الحرمة.

ومثال على هذا جراحة إزالة الثآليل بالقطع أو الكت الجراحي.
فقد ثبت طبيا أن الثآليل لا تزول بالعمل الجراحي بل عن فعل القطع والكحت ينتهي بالمصاب إلى عواقب وخيمة وأضرار منها العدوى الجرثومية وتندب موضع الجراحة.

وينبغي في هذه المصلحة أن تكون من جنس المصالح التي شهد الشرع باعتبارها وأنها مصلحة مقصودة أما المبنية على الهوى كجراحة تغيير الجنس فلا يجوز فعلها لعدم اعتبار الشرع لها.

الشرط الثامن:

أن لا يترتب على فعلها ضرر أكبر من ضرر المرض:
كجراحة التحدب الظهري الحاد فالغالب فيها أنها تنتهي بالشلل النصفي.

فعلى الطبيب أن يقارن بين نتائج ومفاسد الجراحة ومفاسد المرض.
فإن كانت المفاسد التي تترتب على الجراحة أكبر من المفاسد الموجودة في المرض حرمت الجراحة، لأن الشريعة لا تجيز الضرر بمثله أو بما هو أشد، وأما إذا كان العكس فتجوز.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال