الإذن بالجراحة: شروط وأحكام
يعتبر الإذن بالجراحة من القضايا الهامة التي تتقاطع بين الجانب الطبي والجانب الشرعي. فمن جهة، تتطلب الجراحة التدخل في جسم الإنسان، مما يثير تساؤلات حول الحق في اتخاذ القرار الطبي. ومن جهة أخرى، فإن حفظ النفس والصحة من أهم المقاصد الشرعية، مما يجعل الجراحة أمراً ضرورياً في كثير من الحالات.
أنواع الإذن بالجراحة:
ينقسم الإذن بالجراحة إلى نوعين رئيسيين:
- الإذن المطلق: وهو إذن شامل يسمح للطبيب بإجراء أي عملية جراحية يراها ضرورية لعلاج المريض. هذا النوع من الإذن يطلب عادة في الحالات الطارئة أو المعقدة، حيث لا يمكن تحديد نوع الجراحة المطلوبة بدقة مسبقاً.
- الإذن المقيد: وهو إذن محدد بنوع معين من الجراحة، كإذن بإجراء عملية استئصال الزائدة الدودية مثلاً. هذا النوع من الإذن يفضل في الحالات التي تكون فيها التشخيص واضحاً والعلاج الجراحي معروف.
أهلية الإذن:
يستحق الإذن بالجراحة أحد شخصين:
- المريض: إذا كان أهلاً قادراً على اتخاذ القرار، فإن إذنه هو الفيصل. ولا يعتد بإذن أي شخص آخر، حتى لو كان ولياً.
- الولي: إذا كان المريض غير أهلاً لاتخاذ القرار (كالصغير أو المجنون)، فإن حق الإذن ينتقل إلى الولي. ويتم تحديد الولي وفقاً للقواعد الشرعية، والتي تضع الأب ثم الجد ثم الأخوة الأشقاء وهكذا.
شروط صحة الإذن:
لصحة الإذن بالجراحة، يشترط توافر عدة شروط:
- صدور الإذن ممن له الحق: أي أن يكون الصادر الإذن هو المريض أو وليه الشرعي.
- أهلية الآذن: أن يكون المريض أو الولي عاقلاً وبالغاً.
- الإختيار: أن يكون الإذن صادراً عن إرادة حرة غير مجبرة.
- وضوح الإذن: أن يكون الإذن واضحاً ودالاً على الموافقة على إجراء الجراحة.
- شرعية الجراحة: أن تكون الجراحة التي تمت الموافقة عليها مأذونة بها شرعاً.
الإذن في الحالات الطارئة:
في الحالات الطارئة التي تهدد حياة المريض أو عضوًا من أعضائه، يجوز للطبيب إجراء الجراحة دون الحصول على إذن مسبق. وذلك لأن حفظ النفس والأعضاء من الضروريات الشرعية.
الحالات التي يجوز فيها للطبيب العمل الجراحي دون إذن:
- الحالات الطارئة: حيث لا يوجد وقت للحصول على الإذن، مثل الحوادث أو النزيف الحاد.
- الأمراض الوبائية: حيث يخشى من انتشار المرض إلى الآخرين.
الآثار الشرعية لرفض العلاج:
إذا رفض المريض العلاج، فإن ذلك يعتبر إضراراً بالنفس، وهو أمر محرم شرعاً. ولكن لا يعتبر المريض قاتلاً لنفسه إذا مات نتيجة لرفضه العلاج، وذلك لأن الشفاء غير مضمون حتى مع العلاج.
الخاتمة:
إن مسألة الإذن بالجراحة تتطلب التوفيق بين الجانب الطبي والجانب الشرعي. فمن جهة، يجب على الطبيب أن يبذل كل ما في وسعه لإنقاذ حياة المريض وتحسين صحته. ومن جهة أخرى، يجب احترام حق المريض في اتخاذ القرار بشأن جسده.
التسميات
جراحة طبية