إدمان المخدرات.. حالة نفسية وعضوية تنتج من تفاعل الفرد مع العقار أو المخدر مع الرغبة الملحة في تعاطي العقار بصورة مستمرة، أو دورية للشعور بآثاره النفسية والعضوية

إدمان المخدرات
Drug Addiction

حالة نفسية وعضوية تنتج من تفاعل الفرد مع العقار (أو المخدر)، ومن نتائجها ظهور خصائص تتسم بأنماط سلوكية مختلفة، تشمل دائما الرغبة الملحة في تعاطي العقار بصورة مستمرة، أو دورية للشعور بآثاره النفسية والعضوية، ولتجنب الآثار المهددة والمؤلمة التي تنتج من عدم توافره، وقد يدمن المتعاطي على أكثر من مادة واحدة.

وأنواع الإدمان هي الكحوليات والمخدرات مثل الأفيون ومشتقاته والكوكايين والحشيش والعقاقير المختلفة المنشطة والمطمئنة والمنومة.

والتعود على العقار يزيد الرغبة في الاستمرار على تعاطيه لما يسببه من شعور بالراحة ولتحقيق اللذة وتجنب الشعور بالقلق والألم ويحدث تعود للجسم بحيث تظهر على (المدمن) اضطرابات عضوية ونفسية شديدة عند امتناعه عن تناول العقار فجأة، وانهيار في مستواه الخلقي والاجتماعي، وتدني قيمه، وسوء سلوكه وتصرفاته.

ويوجد الإدمان Addiction، إذا كان الفرد:
1- يفرط في تعاطي عقار معين.
2- معتمدا على ذلك العقار فسيولوجيا أو نفسيا، وفي حالة الاعتماد الفسيولوجي يؤدي الانسحاب من العقار إلى أعراض عضوية مؤلمة.
وفي حالة الاعتماد النفسي يؤدي الانسحاب من العقار إلى استجابات وجدانية مؤلمة كالبكاء، والغضب، والقلق، والاكتئاب.
وفي عديد من الحالات يتضمن الإدمان -بالطبع- كلا من الاعتماد الفسيولوجي والنفسي.

وهناك أعراض أخرى ترتبط غالبا بالإفراط في تعاطي العقاقير، وهي:
1- تغير القياسات الفسيولوجية (كضغط الدم والنبض وحرارة الجسم).
2- تغير حجم إنسان العين.

3- تغير ردود الأفعال المنعكسة.
4- الهلاوس والهذاءات.
5- الحركات الهوجاء الخرقاء.

6- تباين استشارة الجهاز العصبي المركزي، والتي تتراوح بين الاستشارة الشديدة والذهول.
7- الزيادة المصطنعة في الثقة بالنفس والقدرة على التفاعل الاجتماعي.

8- انعدام التوجيه وظهور الارتباك العقلي.
9- السلوك الاندفاعي.
10- انحدار الصحة الجسمية.

11- انحدار الصحة الجنسية، فيصاب بالضعف الجنسي، ويبدأ في الشك في زوجته وفي سلوكه تعويضا لضعفه الجنسي.

12- القيام بتصرفات غريبة أو إهانات أو الاعتداء على أقاربه أثناء تناوله للعقار ثم نسيان ذلك صباح اليوم التالي وإنكاره التام لاحتمال حدث هذا السلوك منه.
13- وأحيانا ما يصاب بأفكار اضطهادية، أن الناس تتكلم عنه، وتتجسس عليه، وأنهم يبتسمون ويضحكون من منظره.. وهكذا.

وهذا هو أحد المدمنين الذي أقلع بالطائرة من مطار العريش إلى القاهرة وعند وصوله إلى القاهرة، أخذ طائرة أخرى وعاد إلى العريش ثم إلى غزة لكي يراقب سلوك زوجته أثناء غيابه.

ويعتبر إدمان المخدرات من أخطر المشكلات التي تواجه الفرد في العصر الحالي، فها هو الرسام الهولندي رامبرانت(1606-1669) أصيب بالإدمان على الخمر بعد وفاة زوجته، عندما كان في سن السادسة والثلاثين، الأمر الذي أدى إلى انهيار قدرته على الرسم والإنتاج لإصابته بضعف النظر ورعشة اليدين.

وينبغي هنا أن نشير إلى الذهان الكحولي  Alcoholic Psychosis، مرض ذهاني خاص ينجم أساسا عن تلف خطير تتعرض له الأنسجة العصبية للفرد في بعض حالات ادمانات الكحوليات، ومن بعض أعراضه هلوسات سمعية وبصرية مخيفة ومفزعة في محتواها، وخلط في الزمان والمكان، وقلق، وضجر، وعدم القدرة على النوم أو الأكل، والرعشة، وعدم التآزر بصفة عامة، وتشنجات شديدة في بعض الأحيان.

وكما تحدثنا عبد البعد الاقتصادي والإنتاجي والصحي للإدمان، ينبغي أن نشير -أيضا- إلى البعد النفسي والاجتماعي، وهي كلها أبعاد متصلة ومترابطة، ويمكن تصورها دون الخوض فيها.

ومع ذلك فإننا نورد البحث الذي قام به (لشيبارد وزملائه)، عندما قاموا بدراسة على (336) من مدمني المخدرات الذكور، استخدموا فيها الاختبارات النفسية، وجدوا أن (30%) منهم تظهر فيهم سمات المرض العقلي (الذهاني)، و(16%) تظهر فيهم سمات المرض النفسي، و(2%) تظهر فيهم اضطرابات المخ العضوية.

كما أشارت الاختبارات النفسية -أيضا- إلى أن من يتعاطون أكثر من مادة مخدرة تبرز في شخصياتهم سمة الفصام.

وهكذا توضح هذه الاختبارات أن سمات القلق والانحراف السيكوباتي والاتكالية والاكتئاب تشيع في شخصيات معظم المدمنين.

إن خطورة الإدمان تدفع المدمن إلى الانزلاق إلى هاوية الجريمة، ومن أبناء الطبقة العليا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، ولا ينجو من ضحايا جرائمه سيدات المجتمع ولا كبار شخصياته، ليس هذا بمستغرب نظرا لسببين رئيسيين:

- أولهما: أن الإدمان والتعاطي باهظ التكاليف، نظرا للغلاء الشديد للمخدرات، مما يفقر الفرد ويلجئه -مكرها- إلى السرقة، وارتكاب الجرائم، للحصول على المال بأية وسيلة، لشراء ما يحتاجه من مخدر.

- ثانيهما: أن الإدمان والتعاطي يفسدان العقل ويذهبان بالحكمة والتبصر  (ومن هنا جاء تحريمهما في الإسلام).

ومن ثم يفقد المدمن أو المتعاطي قدرته على التبصر السليم في عواقب سلوكه، كما يفقد قدرته على التوجيه السليم لتصرفاته، فيسهل عليه الوقوع في الجرائم بأنواعها المختلفة دون وعي كاف بما يقوم به من جرائم، أو ما تترك آثار مدمرة عليه أو على غيره مما يقع تحت طائلة القانون، أو يخرج به عن التزام القيم الاجتماعية والأعراف الخلقية المحبذة لسير المجتمع وانتظامه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال