ما هي الجراحة النفسية؟
الجراحة النفسية هي إجراء جراحي يتضمن إزالة أو تدمير أنسجة المخ بهدف علاج المشاكل النفسية. تاريخيًا، كانت الجراحة النفسية تُستخدم بشكل أكثر شيوعًا، ولكن مع ظهور العلاجات الدوائية والنفسية الفعالة، أصبح استخدامها محدودًا للغاية ويقتصر على حالات نادرة وشديدة.
تاريخ الجراحة النفسية:
تعود جذور الجراحة النفسية إلى محاولات قديمة لتغيير السلوك والشخصية من خلال التدخل في الجمجمة. ومع ذلك، بدأت الجراحة النفسية الحديثة في ثلاثينيات القرن الماضي مع تطوير عملية قطع الفص الجبهي (Lobotomy) من قبل الطبيب البرتغالي إيغاس مونيز. لاقت هذه العملية رواجًا في البداية لعلاج حالات معينة من الفصام، ولكن سرعان ما تبين أنها تحمل مخاطر كبيرة وتأثيرات جانبية خطيرة، مثل تغيرات كبيرة في الشخصية والقدرات العقلية.
أنواع الجراحة النفسية:
هناك أنواع مختلفة من الجراحة النفسية، منها:
- قطع الفص الجبهي (Lobotomy): كما ذكرنا، هي عملية قديمة تتضمن قطع الروابط بين الفص الجبهي وأجزاء أخرى من الدماغ. لم تعد تُستخدم الآن بسبب آثارها الجانبية الخطيرة.
- بضع القُبَّة (Cingulotomy): تتضمن تدمير جزء صغير من القُبَّة (Cingulate gyrus) في الدماغ. تُستخدم أحيانًا لعلاج حالات معينة من الوسواس القهري والاكتئاب الشديد التي لم تستجب للعلاجات الأخرى.
- التحفيز العميق للدماغ (Deep brain stimulation - DBS): لا تتضمن هذه التقنية تدمير أنسجة المخ، بل يتم زرع أقطاب كهربائية صغيرة في مناطق معينة من الدماغ لتحفيزها كهربائيًا. تُستخدم لعلاج بعض الحالات مثل الرعاش الأساسي ومرض باركنسون واضطراب الوسواس القهري والاكتئاب الشديد.
استخدامات الجراحة النفسية الحديثة:
يقتصر استخدام الجراحة النفسية الحديثة على حالات نادرة جدًا عندما تكون جميع العلاجات الأخرى، مثل العلاج الدوائي والنفسي، غير فعالة، وتكون الأعراض شديدة لدرجة أنها تُعيق حياة المريض بشكل كبير. تشمل هذه الحالات:
- الوسواس القهري الشديد (Severe Obsessive-Compulsive Disorder - OCD): عندما لا يستجيب المريض للعلاج السلوكي المعرفي (CBT) والأدوية.
- الاكتئاب الشديد (Severe Depression): عندما لا يستجيب المريض للعلاجات الدوائية والنفسية المتعددة.
- بعض حالات الألم المزمن المستعصية.
مخاطر الجراحة النفسية:
تحمل الجراحة النفسية مخاطر كبيرة، بما في ذلك:
- النزيف والعدوى.
- تلف أنسجة المخ السليمة.
- تغيرات في الشخصية والمزاج.
- مشاكل في الذاكرة والتركيز.
- نوبات صرع.
اعتبارات هامة:
- تُعتبر الجراحة النفسية خيارًا علاجيًا أخيرًا بعد استنفاد جميع الخيارات الأخرى.
- يجب أن يتم اتخاذ قرار إجراء الجراحة النفسية بعناية فائقة من قبل فريق طبي متخصص، بعد تقييم شامل لحالة المريض ومناقشة المخاطر والفوائد المحتملة مع المريض وعائلته.
- لا تُعتبر الجراحة النفسية علاجًا شافيًا، بل تهدف إلى تخفيف الأعراض وتحسين جودة حياة المريض.
الخلاصة:
الجراحة النفسية هي إجراء جراحي معقد يحمل مخاطر كبيرة، ولذلك يُستخدم بحذر شديد وفي حالات نادرة. مع تطور العلاجات الدوائية والنفسية، أصبح استخدام الجراحة النفسية محدودًا للغاية. من المهم التأكيد على أن العلاج النفسي والعلاج الدوائي هما الخياران العلاجيان الأول والثاني للاضطرابات النفسية، ويجب استنفادهما قبل التفكير في الجراحة النفسية.
التسميات
اكتئاب