يسنّ أن يبتدئ الجماع بين الزوجين بالدّعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "باسم الله، اللهُمَّ جّنِّبْنَا الشيطانَ وجنِّبِ الشيطانَ ما رزقتنا، فإن قضى الله بينهما ولداً لم يضرُّهُ الشيطانُ أبداً." .
يجب أن تتم العلاقة الجنسية في صورة كاملة من الحياء والملاطفة والملاعبة وأن يتصرف كل منهما مع الآخر تصرفَ اللياقة والكياسة، ولا يتعجَّلا الاتصال الجنسي قبل مُقَدِّماتٍ من الحب والعطف والحنان.
وفي هذا المجال نحب أن نلفت النظر إلى أن الإسلام لم يُغْفِل أو يهْمِلْ حتى دقائقَ الأمور وتفصيلات السلوك البشري الخاص والعام لتكون متوافقة ومنسجمةً مع القواعد الاعتقادية والأخلاقية التي جاء لتحقيقها. لذلك نجد أن الإسلام وضع للعملية الجنسية (الجماع) ما تحتاجه من توجيه وتنظيم.
فهو يدرك أن الجماع كيما يكون مثالياً محققاً الغايةَ الفطرية منه، يجب أن يكونَ منسجماً في العمل والاستجابة، مؤدياً إلى الاستمتاع والاتحاد الحسيين والنفسيين بين الزوجين.
والاستعداد النفسي والتحضير العاطفيّ خيرُ سبيل للبلوغ بين الزوجين معاً الإشباعَ المطلوبَ.. وإلى ذلك يشير الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا يَقَعَنَّ أحَدُكـُمْ على امرأته كما تقعُ البهيمةُ، ولْيَكـُنْ بينهما رَسولٌ " قيلَ وما الرسولُ يا رسولَ الله؟ قال: "القُبْلَة والكلام!".
ويقول عليه الصلاة والسلام: " ثلاثٌ من العجْز في الرجل: الأولُ أن يلقى منْ يحبّ معرفَتَه فيفارقه قبل أن يعلمَ اسمه ونسبه، والثاني أن يُكرمَه أحدٌ فيردَّ عليه كرامته، والثالث أن يقاربَ الرجلُ جاريتَه أو زوجَتَه فيصيبُهَا قبل أن يحدّثَها ويؤانسها.".
وقد ورد حول هذا المعنى كلام للإمام أبي حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين جاء فيه: (ثم إذا قضى وطرَه فليتمهّلْ على أهله حتى تقضيَ هي نهْمَتَهَا، فإنما إنزالُها ربَّما يتأخرُ فيهيّجُ شهوتَها. ثم القعودُ عنها إيذاءٌ لها. والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافرَ مهما كانَ الزوجُ سابقاً إلى الإنزال. والتوافق في الإنزال ألذّ عندها).
إن الاتحاد الجنسي الذي يحرص الإسلام على تحقيقه بين الزوجين أثناء الجماع له فوائده الكثيرة التي لا تخفى على من لهم إلمام في العلوم النفسية والجنسية، ويكفي أنه يضمنُ الإشباعَ الكاملَ للطرفين مما يتحقق معه إحصانُهما وتوثيق عرى الحب والمودة.
إن كثيراً من الدراسات الجنسية الحديثة تشير إلى أن الانحرافات والخيانات والمشاكل التي تصيب الحياة الزوجية إنما تعود في معظم الحالات إلى عدم التجانس الجنسي والنفسي بين الزوجين، وعدم بلوغهما درجة الاتحاد.
يجب أن تتم العلاقة الجنسية بين الزوجين في سريّةٍ تامةٍ وبعيدةٍ عن أعين الناس وسمعهم ومراقبتهم، ولا يجوز لأحدهما أن يُفشي أيّ شيءٍ من أسرار علاقته الجنسية مع الآخر امتثالاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجالُ والنساءُ قعودٌ، فقالَ: " لعلّ رَجُلاً يقولُ ما يفعلُهُ بأهله! ولعلَّ امرأةً تُخْبِرُ بما فعلتْ معَ زَوْجها"! . فَأرِمَ القومُ ( أي سكتوا ولم يُجيبوا)، فقلتُ أي والله يا رسول الله، إنهنَّ لَيَفْعَلْنَ، وإنهم ليفْعَلونَهُ، قال: " فلا تفعلوا ! إنما ذلك الشيطانُ لقيَ شيطانةً في طريقها فغشيَهَا، والناسُ ينظرون " .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنّ من أشرّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة : الرجلُ يُفضي إلى امرأته وتفضي إليه‘ ثم ينشر أحدهما سرّ صاحبه) .
ويتضح في هذا تربية الإسلام لأتباعه على الأدب والحياء، وإبعادهم عن الوقاحة، والبذاءة، والجهر بالحديث من فعل الجماع أو وصفه، ومراعاة الأذواق السليمة والمشاعر المرهفة للمؤمنين الكمّل.
يمكن للرجل أن يأتيَ زوجته بالهيأة والكيفية التي تلائمهما وبالوضعية التي تؤدي إلى إتمام العمل الجنسي الكامل. وقد سألَتْهُ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ من الأنصار عن التَّجْبِيَة Levrette ( وهي وطءُ المرأة في قبلها من ناحية دبرها ) فتلا عليها قولَه تعالى: " نِسَاؤُكـُمْ حَرْثٌ لَكـُمْ فَأْتُوا حَرْثَكـُمْ أنَّى شِئُْمْ " ] سورة البقرة : الآية 223 ].
وسأله عمر رضي الله عنه فقال: يا رسولَ الله هلكتُ، قال: " وما أهلككَ؟ " قال: حوّلتُ رحلي البارحة، فلم يردّ عليه شيئاً، فأوحى الله إلى رسوله: " نِسَاؤُكـُمْ حَرْثٌ لَكـُمْ فَأْتُوا حَرْثَكـُمْ أنَّى شِئُْمْ*، أقبِلْ وأدبرْ واتقوا الحَيْضَةَ والدُّبُرَ ".
ويجب أن ينتبه إلى أن الإسلام يُحَرّمُ أنْ يأتي الرجلُ زوجَتَهُ في دُبُرهَا لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا ينْظُرُ اللهُ إلى رجلٍ يأتي امرأته في دُبُرها ".
ولقوله صلى الله عليه وسلم: " من أتى حائضاً أو امرأةً في دبرها، أو كاهناً فصدَّقهُ بما يقول، فقد كفر بما أُنْزِلَ على مُحَمّد " . وقال عليه الصلاة والسلام في الذي يأتي امرأته في الدُّبُر "هي اللوطيّة الصغرى".
لا يجوز أن يأتي الرجلُ زوجَتَه وهي حائض أو النِّفاس بعد الولادة، ويسمح الإسلام بما وراء ذلك من التقبيل واللمس وما شابه لقوله صلى الله عليه وسلم الذي سبق ذكره ولما رواه أبو داود والبيهقي: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً ثم صنع ما أراد".
وكان من عادة اليهود ومن قلّدهم من العرب في الجاهلية أنهم لا يؤاكلون الحائض ولا يساكنوها، فنهى الإسلام عن ذلك، ولكنه حرّمَ إتيانَ الحائض، وسمح بالتمتع دون الفرج. وبذلك كان الإسلام وسطاً بين إفراط اليهود وتفريط الذين يبيحون جماعها في الحيض.
والحيض بالنسبة للمرأة ظاهرة فيزيولوجية طبيعية. ولا ينظر الإسلام إلى المرأة الحائض على أنها إنسان نجسٌ قذِرٌ لا يجوز الاقتراب منه، بل هي إنسان طبيعي يقوم بجميع واجباته الحياتية ما عدا بعض الأمور العبادية التي نصَّ عليها الشرع.
وكذلك شأن الجنابة بالنسبة للمرأة والرجل. فالجنابة لا تجعل المؤمن نجساً. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيَه في بعض طريق المدينة وهو جُنُبٌ ( أي أبو هريرة )، فأخذَ بيدي، فمشيت معه حتى قعدَ فانخَنَسْتُ منه، فذهبَ فاغتسلَ ثم جاء ( وفي رواية: ثم جئتُ وهو قاعدٌ)، فقالَ أين كنتَ يا أبا هريرة؟ قال: كنتُ جنُبَاً فكرهْتُ أن أُجَالسَكَ وأنا على غير طهارة! فقال سبحانَ الله ِ]يا أبا هريرة ![ إنّ المؤمنَ لا ينجس".
على الرجل أن يعاملَ زوجته بكل عطف وحنان، وخاصة حينما تأخذها آلامُ الحيض أو يعتَريَهَا مرَضٌ آخر، ويمتنعَ عن إيذائها ويكبت جماحَ شهوته حتى تبرأ من كل أوجاعها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " خيْرُكـُم خيركم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي".
يؤدي الجماع إلى جنابة الزوجين، وعليهما أن يتطهرا ويغتسلا بعد كل جماع. وكذلك على المرأة أن تغتسل بعد الانتهاء من دورة الحيض أو تنتهي من النفاس، لأن ذلك يمنعها من أداء بعض العبادات كالصلاة والصيام وحمل المصحف. يقول الله تعالى: " وَإِنْ كـُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطَّهَرُوا " ] سورة المائدة : الآية 6 [.
ويقول الله عزّ وجلّ: " يَا أيُّهَا الّذينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاة وَأنْتُمْ سُكارَى حتّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولونَ، وَ لا جُنُبَاً إلاّ عَابِري سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا " ] سورة النساء : الآية 43[.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ:( إذا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأرْبَعِ ثمَّ جَهَدَهَا فقد وجبَ الغسْلُ).
ولقوله صلى الله عليه وسلم:" إذا التقى الخِتَانَان فقد وجبَ الغُسْلُ وإنْ لمْ يُنْزِلْ".
ويستحبّ للمرء إذا أراد معاودة جماع زوجته أن يتوضّأ وضوءه للصلاة بين الجماعين، وكذلك إذا أراد النوم غسلَ ذكَرهُ وتوضأ ثم نامَ. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أتى أَحَدُكـُم أهْلَهُ ثمّ أرادَ أن يَعُودَ، فليَتَوضَّأ وضوءَهُ للصلاة"
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أرادَ أن يأكلَ أو ينام وهو جنُنُبٌ، غسَلَ فرجَه وتوضّأ وضوءه للصلاة " .
وقد ورد أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ ينامُ وهو جُنُبٌ من غير أن يغتسل، قالت عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنبٌ من غير أن يمسَّ ماءً حتى يقومَ بعدَ ذلك فيغتسل.".
ويستفاد من هذه الأحاديث أن الغسلَ غير مطلوب مباشرة بعد الجماع، وإنما يجب قبل الصلاة المقبلة.
لا يجوز للمرأة أن تمتنعَ عن طلب زوجها للجماع بدون عُذرمقبول. فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشه، فلم تأته، فباتَ غضْبَانَ عليها، لعنتهَا الملائكةُ حتى تُصْبِحَ " .
وبالمقابل فإنّ على الرجل أن لا ينسى أنّ لزوجته عليه حقاً في تلبية حاجاتها الجنسية.
لا يجيز أكثر علماء المسلمين الاستمناءَ باليد استناداً لقوله تعالى: " والّذينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ * إلاّ عَلَى أزْوَاجِهِم أوْ مَا مَلَكـَتْ أيْمانُهُمْ فإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فمَنِ ابْتَغَى وَراءَ ذَلِكَ فَأولَئِكَ هُمُ العَادونَ*"]سورة المؤمنون: الآية5-7[.
بينما يرى الإمام أحمد ابن حنبل والإمام ابن حزم جوازَ الاستمناء باليد في حالتين:
- أولاهما أن يفعلَ ذلك خشية أن يقع في الزنا.
- والثانية ضيقُ ذات اليد التي تمنع من الزواج.
ومع ذلك فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حضّه على الزواج أنه قال: "يا معشرَ الشبَابِ منِ استَطاعَ مِنكمُ الباءةَ فليتزوّجْ، فإنه أغضُّ للبَصَر، وأحصنُ للفرج، ومن لم يستطعْ فعليه بالصّوم فإنه له وِجَاء".
والمقصود بالباءَة الجماعُ، فهو محمولٌ على المعنى الأعمّ بقدرته على مؤن النكاح، ومعنى الوِجَاء أنه قاطع لشهوته، وأصله رضُّ الأنثَيَيْن (أي الخصيتين) لتذهب شهوة الجماع.
يجب أن تتم العلاقة الجنسية في صورة كاملة من الحياء والملاطفة والملاعبة وأن يتصرف كل منهما مع الآخر تصرفَ اللياقة والكياسة، ولا يتعجَّلا الاتصال الجنسي قبل مُقَدِّماتٍ من الحب والعطف والحنان.
وفي هذا المجال نحب أن نلفت النظر إلى أن الإسلام لم يُغْفِل أو يهْمِلْ حتى دقائقَ الأمور وتفصيلات السلوك البشري الخاص والعام لتكون متوافقة ومنسجمةً مع القواعد الاعتقادية والأخلاقية التي جاء لتحقيقها. لذلك نجد أن الإسلام وضع للعملية الجنسية (الجماع) ما تحتاجه من توجيه وتنظيم.
فهو يدرك أن الجماع كيما يكون مثالياً محققاً الغايةَ الفطرية منه، يجب أن يكونَ منسجماً في العمل والاستجابة، مؤدياً إلى الاستمتاع والاتحاد الحسيين والنفسيين بين الزوجين.
والاستعداد النفسي والتحضير العاطفيّ خيرُ سبيل للبلوغ بين الزوجين معاً الإشباعَ المطلوبَ.. وإلى ذلك يشير الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا يَقَعَنَّ أحَدُكـُمْ على امرأته كما تقعُ البهيمةُ، ولْيَكـُنْ بينهما رَسولٌ " قيلَ وما الرسولُ يا رسولَ الله؟ قال: "القُبْلَة والكلام!".
ويقول عليه الصلاة والسلام: " ثلاثٌ من العجْز في الرجل: الأولُ أن يلقى منْ يحبّ معرفَتَه فيفارقه قبل أن يعلمَ اسمه ونسبه، والثاني أن يُكرمَه أحدٌ فيردَّ عليه كرامته، والثالث أن يقاربَ الرجلُ جاريتَه أو زوجَتَه فيصيبُهَا قبل أن يحدّثَها ويؤانسها.".
وقد ورد حول هذا المعنى كلام للإمام أبي حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين جاء فيه: (ثم إذا قضى وطرَه فليتمهّلْ على أهله حتى تقضيَ هي نهْمَتَهَا، فإنما إنزالُها ربَّما يتأخرُ فيهيّجُ شهوتَها. ثم القعودُ عنها إيذاءٌ لها. والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافرَ مهما كانَ الزوجُ سابقاً إلى الإنزال. والتوافق في الإنزال ألذّ عندها).
إن الاتحاد الجنسي الذي يحرص الإسلام على تحقيقه بين الزوجين أثناء الجماع له فوائده الكثيرة التي لا تخفى على من لهم إلمام في العلوم النفسية والجنسية، ويكفي أنه يضمنُ الإشباعَ الكاملَ للطرفين مما يتحقق معه إحصانُهما وتوثيق عرى الحب والمودة.
إن كثيراً من الدراسات الجنسية الحديثة تشير إلى أن الانحرافات والخيانات والمشاكل التي تصيب الحياة الزوجية إنما تعود في معظم الحالات إلى عدم التجانس الجنسي والنفسي بين الزوجين، وعدم بلوغهما درجة الاتحاد.
يجب أن تتم العلاقة الجنسية بين الزوجين في سريّةٍ تامةٍ وبعيدةٍ عن أعين الناس وسمعهم ومراقبتهم، ولا يجوز لأحدهما أن يُفشي أيّ شيءٍ من أسرار علاقته الجنسية مع الآخر امتثالاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجالُ والنساءُ قعودٌ، فقالَ: " لعلّ رَجُلاً يقولُ ما يفعلُهُ بأهله! ولعلَّ امرأةً تُخْبِرُ بما فعلتْ معَ زَوْجها"! . فَأرِمَ القومُ ( أي سكتوا ولم يُجيبوا)، فقلتُ أي والله يا رسول الله، إنهنَّ لَيَفْعَلْنَ، وإنهم ليفْعَلونَهُ، قال: " فلا تفعلوا ! إنما ذلك الشيطانُ لقيَ شيطانةً في طريقها فغشيَهَا، والناسُ ينظرون " .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنّ من أشرّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة : الرجلُ يُفضي إلى امرأته وتفضي إليه‘ ثم ينشر أحدهما سرّ صاحبه) .
ويتضح في هذا تربية الإسلام لأتباعه على الأدب والحياء، وإبعادهم عن الوقاحة، والبذاءة، والجهر بالحديث من فعل الجماع أو وصفه، ومراعاة الأذواق السليمة والمشاعر المرهفة للمؤمنين الكمّل.
يمكن للرجل أن يأتيَ زوجته بالهيأة والكيفية التي تلائمهما وبالوضعية التي تؤدي إلى إتمام العمل الجنسي الكامل. وقد سألَتْهُ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ من الأنصار عن التَّجْبِيَة Levrette ( وهي وطءُ المرأة في قبلها من ناحية دبرها ) فتلا عليها قولَه تعالى: " نِسَاؤُكـُمْ حَرْثٌ لَكـُمْ فَأْتُوا حَرْثَكـُمْ أنَّى شِئُْمْ " ] سورة البقرة : الآية 223 ].
وسأله عمر رضي الله عنه فقال: يا رسولَ الله هلكتُ، قال: " وما أهلككَ؟ " قال: حوّلتُ رحلي البارحة، فلم يردّ عليه شيئاً، فأوحى الله إلى رسوله: " نِسَاؤُكـُمْ حَرْثٌ لَكـُمْ فَأْتُوا حَرْثَكـُمْ أنَّى شِئُْمْ*، أقبِلْ وأدبرْ واتقوا الحَيْضَةَ والدُّبُرَ ".
ويجب أن ينتبه إلى أن الإسلام يُحَرّمُ أنْ يأتي الرجلُ زوجَتَهُ في دُبُرهَا لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا ينْظُرُ اللهُ إلى رجلٍ يأتي امرأته في دُبُرها ".
ولقوله صلى الله عليه وسلم: " من أتى حائضاً أو امرأةً في دبرها، أو كاهناً فصدَّقهُ بما يقول، فقد كفر بما أُنْزِلَ على مُحَمّد " . وقال عليه الصلاة والسلام في الذي يأتي امرأته في الدُّبُر "هي اللوطيّة الصغرى".
لا يجوز أن يأتي الرجلُ زوجَتَه وهي حائض أو النِّفاس بعد الولادة، ويسمح الإسلام بما وراء ذلك من التقبيل واللمس وما شابه لقوله صلى الله عليه وسلم الذي سبق ذكره ولما رواه أبو داود والبيهقي: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً ثم صنع ما أراد".
وكان من عادة اليهود ومن قلّدهم من العرب في الجاهلية أنهم لا يؤاكلون الحائض ولا يساكنوها، فنهى الإسلام عن ذلك، ولكنه حرّمَ إتيانَ الحائض، وسمح بالتمتع دون الفرج. وبذلك كان الإسلام وسطاً بين إفراط اليهود وتفريط الذين يبيحون جماعها في الحيض.
والحيض بالنسبة للمرأة ظاهرة فيزيولوجية طبيعية. ولا ينظر الإسلام إلى المرأة الحائض على أنها إنسان نجسٌ قذِرٌ لا يجوز الاقتراب منه، بل هي إنسان طبيعي يقوم بجميع واجباته الحياتية ما عدا بعض الأمور العبادية التي نصَّ عليها الشرع.
وكذلك شأن الجنابة بالنسبة للمرأة والرجل. فالجنابة لا تجعل المؤمن نجساً. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيَه في بعض طريق المدينة وهو جُنُبٌ ( أي أبو هريرة )، فأخذَ بيدي، فمشيت معه حتى قعدَ فانخَنَسْتُ منه، فذهبَ فاغتسلَ ثم جاء ( وفي رواية: ثم جئتُ وهو قاعدٌ)، فقالَ أين كنتَ يا أبا هريرة؟ قال: كنتُ جنُبَاً فكرهْتُ أن أُجَالسَكَ وأنا على غير طهارة! فقال سبحانَ الله ِ]يا أبا هريرة ![ إنّ المؤمنَ لا ينجس".
على الرجل أن يعاملَ زوجته بكل عطف وحنان، وخاصة حينما تأخذها آلامُ الحيض أو يعتَريَهَا مرَضٌ آخر، ويمتنعَ عن إيذائها ويكبت جماحَ شهوته حتى تبرأ من كل أوجاعها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " خيْرُكـُم خيركم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي".
يؤدي الجماع إلى جنابة الزوجين، وعليهما أن يتطهرا ويغتسلا بعد كل جماع. وكذلك على المرأة أن تغتسل بعد الانتهاء من دورة الحيض أو تنتهي من النفاس، لأن ذلك يمنعها من أداء بعض العبادات كالصلاة والصيام وحمل المصحف. يقول الله تعالى: " وَإِنْ كـُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطَّهَرُوا " ] سورة المائدة : الآية 6 [.
ويقول الله عزّ وجلّ: " يَا أيُّهَا الّذينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاة وَأنْتُمْ سُكارَى حتّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولونَ، وَ لا جُنُبَاً إلاّ عَابِري سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا " ] سورة النساء : الآية 43[.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ:( إذا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأرْبَعِ ثمَّ جَهَدَهَا فقد وجبَ الغسْلُ).
ولقوله صلى الله عليه وسلم:" إذا التقى الخِتَانَان فقد وجبَ الغُسْلُ وإنْ لمْ يُنْزِلْ".
ويستحبّ للمرء إذا أراد معاودة جماع زوجته أن يتوضّأ وضوءه للصلاة بين الجماعين، وكذلك إذا أراد النوم غسلَ ذكَرهُ وتوضأ ثم نامَ. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أتى أَحَدُكـُم أهْلَهُ ثمّ أرادَ أن يَعُودَ، فليَتَوضَّأ وضوءَهُ للصلاة"
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أرادَ أن يأكلَ أو ينام وهو جنُنُبٌ، غسَلَ فرجَه وتوضّأ وضوءه للصلاة " .
وقد ورد أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ ينامُ وهو جُنُبٌ من غير أن يغتسل، قالت عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنبٌ من غير أن يمسَّ ماءً حتى يقومَ بعدَ ذلك فيغتسل.".
ويستفاد من هذه الأحاديث أن الغسلَ غير مطلوب مباشرة بعد الجماع، وإنما يجب قبل الصلاة المقبلة.
لا يجوز للمرأة أن تمتنعَ عن طلب زوجها للجماع بدون عُذرمقبول. فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشه، فلم تأته، فباتَ غضْبَانَ عليها، لعنتهَا الملائكةُ حتى تُصْبِحَ " .
وبالمقابل فإنّ على الرجل أن لا ينسى أنّ لزوجته عليه حقاً في تلبية حاجاتها الجنسية.
لا يجيز أكثر علماء المسلمين الاستمناءَ باليد استناداً لقوله تعالى: " والّذينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ * إلاّ عَلَى أزْوَاجِهِم أوْ مَا مَلَكـَتْ أيْمانُهُمْ فإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فمَنِ ابْتَغَى وَراءَ ذَلِكَ فَأولَئِكَ هُمُ العَادونَ*"]سورة المؤمنون: الآية5-7[.
بينما يرى الإمام أحمد ابن حنبل والإمام ابن حزم جوازَ الاستمناء باليد في حالتين:
- أولاهما أن يفعلَ ذلك خشية أن يقع في الزنا.
- والثانية ضيقُ ذات اليد التي تمنع من الزواج.
ومع ذلك فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حضّه على الزواج أنه قال: "يا معشرَ الشبَابِ منِ استَطاعَ مِنكمُ الباءةَ فليتزوّجْ، فإنه أغضُّ للبَصَر، وأحصنُ للفرج، ومن لم يستطعْ فعليه بالصّوم فإنه له وِجَاء".
والمقصود بالباءَة الجماعُ، فهو محمولٌ على المعنى الأعمّ بقدرته على مؤن النكاح، ومعنى الوِجَاء أنه قاطع لشهوته، وأصله رضُّ الأنثَيَيْن (أي الخصيتين) لتذهب شهوة الجماع.