واجبات الزوج والزوجة.. الاحترامَ المتبادَل والرفقَ والحبَّ والعاطفةَ والمعاشرةَ بالحسنى بين الطرفين

ينطلق الإسلام من مبادئ تستند على الاختلافات الطبيعية بين المرأة والرجل مع العلم بأنهما قُرَنَاء لبعضهما البعض ولهما دور واضح في إطار الأسرة المشتركة.

فالزوج مسؤولٌ عن الجانب الاقتصادي للأسرة، بينما المسؤولية العائلية مسؤولية مشتركة بينهما.
ويعترف الإسلام بِقَوامة الرجل في العائلة.

والمرأة ليست مسؤولة عن الجانب الاقتصادي للأسرة حتى ولو كانت أكثرَ مالاً من زوجها.
ولكنها إذا رغبتْ من نفسها بالمشاركة فلها أن تفعل.

وعلى المرأة أن تساندَ زوجَها في كل أموره وتطيعه إلاّ في معصية، وبالمقابل فإن على الرجل أن يرعى زوجته وأن يَفِيَهَا حقّها في كل شيء بما في ذلك كل ما يتعلق بالشؤون الجنسية.

والمرأة المسلمة، زوجة كانت أم عازبة، تحتفظ بشخصيتها الحقوقية كاملة، فليست هي مجرد ملحقة بالزوج أو ألأب أو الأخ، فالإسلام سبق القوانين الغربية بأكثر من (14) قرناً حينما أقرَّ بالحقوق الشخصية للمرأة بما في ذلك كسبها المشروع، ومتاجرتها بمالها، حتى بعد الزواج، ولو اشتركت ببعض مالها مع الزوج فلها كاملُ الحقّ في اتخاذ القرار الذي تراه حول الموضوع.

والصورة النمطية Stereotype التي تعتبر المرأةَ المسلمةَ خادمةً للأبد في المطبخ أو التنظيف أو ما شابه، وهي مخلوقٌ فاقدٌ للقيم الروحية والذاتية الشخصية وعديمة الفائدة، وليس لها الحق في الحياة الشخصية أو الذاتية، كلُّ هذا ليس له أصل في الشريعة الإسلامية.

فالمرأة والرجل كل منهما يكمّل الآخرَ، وهما متساويان في المسؤولية أمام الله عزّ وجلّ، ومع ذلك فهذه المسؤولية لا تعني أبداً التساوي من الناحية الفيزيولوجية، ولا يُنْقِص هذا الاختلاف من قيمة المرأة ولا من نصيبها من حيث المحاسبة والجزاء في الدنيا والآخرة.

ومن الشائع أن يُتهََم الإسلام بأنه لا يعامل الرجل والمرأة بالتساوي وخاصة فيما يتعلق بالميراث، لأن تعاليم الإسلام تفرض للرجل نصيباً مضاعفاً عن نصيب المرأة. ولكنْ إذا أخذنا بعين الاعتبار ما ذكرناه آنفاً عن مسؤولية الرجل عن المرأة والبيت من ناحية النفقة، تتضح لنا الحكمة من هذا التوزيع العادل.

وما أكثر وصايا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالمرأة والإحسان إليها ومعاملتها بالرفق والاحترام والمحبة والإخلاص؛ ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (استَوْصُوا بالنسَاءِ خيرَاً).

وللمرأة والرجل الحق بالمشاركة في المجتمع بما يحفظ لهما كيانَ الأسرة وفي الحدود التي أباحتها الشريعة، كالمشاركة في التعليم والطبّ والأعمال الاجتماعية، حتى أن المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم شاركتْ الرجلَ في الدفاع عن الإسلام والمسلمين في معارك شتى.

وكانت المرأة تُسْتَشارُ من الرجال في كثيرٍ من الشؤون التي تخصّ الأمة، فلقد كانت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها حُجـّةً ومرجعاً في كثير من القضايا والأحكام الشرعية.

وأجمل الصور عن الزواج الإسلامي يعرضها القرآن الكريم في قوله تعالى:
"وَمِنْ ْآيَاتِهِ أنْ خَلَقَ لَكـُمْ مِنْ أنْفُسِكـُمْ أزْواجَاً لِتِسْكـُنُوا إليْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكـُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكـَّرُونَ" (سورة الروم:21).

حيث يبين الله تعالى الاحترامَ المتبادَل والرفقَ والحبَّ والعاطفةَ والمعاشرةَ بالحسنى بين الزوج والزوجة.

إن ما تقوم به الزوجة من تدبير الشؤون المنزلية، ليس مفروضاً عليها ولا إلزاماً، وإنما هو من باب الاحترام والتعاون المشترك والتواصي بالمعروف بين الزوجين، وتقديراً من الزوجة لعمل زوجها وسعيه وشقاوته خارج البيت.
وإذا كان أحد الزوجين خارج البيت، فالآخر هو الذي يقوم برعاية الأطفال.

وإذا ما كان الزوج في البيت فعليه أن يُعينَ زوجته في أعمالها البيتية اتّبَاعاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي إذا ما كان في البيت، كانَ في مِهْنَة أهله، أي يقوم بأعمالها ومساعدتها على التدبير المنزلي بمختلف أشكاله.

وفي الحياة الزوجية؛ على كل من الزوجين أن يستجيب للحاجات الجنسية للآخر، ذلك أن الإسلام يُحَرّم أي نشاط جنسي خارج عقد الزوجية، ولا يسمح الإسلام بأي نشاط من هذا النوع لغير المتزوجين.

ويعتبر الزنا والمقارفات الجنسية جريمةً بشعةً في حقّ المرأة والرجل، وفي حق المجتمع الإسلامي الطاهر النظيف، ولذلك يعَاقَبُ الجناةُ بأشدّ العقوبات حمايةً للأفراد والأسرة وحماية للمجتمع.

يقول الله تعالى: "الزَّانيَةُ والزَّاني فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَ لا تَأخُذْكـُمْ بِهِمَا رَأفَةٌ في دِينِ اللهِ إنْ كُـنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَليَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنينَ" (سورة النور: 2).

إن كلّ عمل يؤدي إلى زَعْزعة الكيان العائلي يؤدّي بالتالي إلى هزّ كيان المجتمع، ولذا كانت العقوبة التي يفرضها الإسلام لمثل هذه الجنايات عقوبةً شديدةً صارمةً.

والعقوبة المذكورة في الآية الكريمة هي في حقّ الرجل والمرأة غير المحصنَيْن.
أما الزّناة المحصنون (أي المتزوجون) فتطبّق بحقهما عقوبة الرّجْم حتى الموت.

فقد ورد في صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خُذوا عني خُذوا عني؛ قد جعلَ الله لهنَّ سبيلاً، البِكرُ بالبكرِ جَلْدُ مائةٍ ونَفيُ سنة، والثيّبُ بالثيِّبِ جلدُ مائة والرَّجم).

وفي الحديث إشارة إلى قول الله تعالى: "فَأمْسِكـُوهُنَّ فِي البيُوتِ حتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أو يجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سبيلاً" (سورة النساء: الآية 15)، فبيّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن هذا هو السبيل.

والبكر بالبكر والثيب بالثيب ليس هو على سبيل الاشتراط بل حدّ البكر الجلد والتغريب سواء زنى ببكر أم بثيّب، وحدّ الثيّب الرّجم سواء زنى بثيّب أم ببكر.

ومن الجدير بالذكر التنبيه إلى أن إقامة الحدود هي من اختصاص الحاكم المسلم، ولا يحق لأحد أن يتخذ لنفسه هذا الحق، ومن اقترف معصية وأراد أن يتطهر فعليه بالتوبة فبابها مفتوح وأمره إلى الله.

وإذا اتهمَ أحدٌ شخصاً بالزنى باطلاً ولم تكن لديه بيّنة على قوله عُوقِبَ بالجَلد ثمانين جَلدَة، حماية لأعراض الناس حتى لا تُرمَى بالباطل.

يقول الله تعالى: "وَالذينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَات ثمَّ لمْ يأتُوا بِأرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أبداً وَأولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ * إلاّ الّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وأصْلَحُوا فَإنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * والذينَ يَرْمُونَ أزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يِكـُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلاّ أنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أحَدَهِمْ أرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقينَ* والخَامِسَةُ أنَّ لعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إنْ كان مِنَ الكاذِبِينَ * وَيَدْرأُ عنْهَا العَذَابَ أنْ تَشْهَدَ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إنَّهُ لَمِنَ الكاذِبينَ * والخامِسَةَ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَليْهَا إنْ كانَ مِنَ الصَّادِقينَ* ولَولا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكـُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ" (سورة النور: الآيات 4-10).

والرسول صلى الله عليه وسلم يُحَذّر من كل سببٍ يمكن أن يُوقعَ في الزنا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: (كُتِبَ على ابنِ آدم نَصيبُهُ من الزِّنَا مُدركٌ ذلكَ لا محَالةَ: العينانِ زناهُمَا النظرُ، والأذنانِ زنَاهُما الاستماع، واللسانُ زناه الكلام، والقلبُ يهوى ويتمنّى، ويصدّقُ ذلك الفرجُ أو يكذّبُهُ).

ويجدر بنا أن نذكر في هذا المقام أنَّ هذا التشريع ورد في الشرائع السابقة للإسلام كاليهودية والنصرانية، ونسوق على سبيل المثال بعض النصوص التي ذكرها العهد القديم والعهد الجديد المرتبطة بهذا الموضوع:
(لا تَزْنِ * لا تسْرق * لا تشهدْ على قريبك شهادةَ زور * لا تَشْتَهِ امرأةَ قريبِكَ ولا عبدَه ولا أمَتَهُ ولا ثورَه ولا حمارَه ولا شيئاً مما لقريبك).

(إذا وُجِدَ رجلٌ مضطجِعَاً مع امرأةٍ زوجةِ بعلٍ يُقْتَلُ الاثنانِ الرَّجُلُ المضطَجِعُ مع المرأةِ والمرأةُ. فتنزع الشرَّ من اسرائيل).

(إذا كانت فتاةٌ عذراءُ مخطوبةً لرجلٍ فَوَجَدَها رجلٌ في المدينة واضطجَعَ معها، فأخرجوهما كليْهما إلى باب المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا، الفتاة من أجل أنها لم تصرَخ في المدينة، والرجل من أجل أنه أذلَّ امرأةَ صاحبه. فتنزع الشرَّ من وسطكَ).

(فقال يسوع: لا تقتل، لا تزنِ، لا تسرق، لا تشهد بالزور).
(أنت تعرف الوصايا: لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال