قياس مسألة استئجار الأرحام على الرضاع.. الحمل يؤدي إلى تغييرات فسيولوجية ونفسية وجسدية وهي لا تنعكس بهذا الكم الهائل على الأم بالرضاع

 هل يجوز قياس مسألة استئجار الأرحام على الرضاع:
من العلماء من قاس مسألة استئجار الأرحام  على مسألة الرضاع، وذلك لان في الرضاع يتم استئجار عضو بشري للانتفاع به، كذلك  في استئجار الأرحام  يتم استئجار الرحم للانتفاع به، كما وإن كلتا العمليتين فيهما خدمة للآخرين ومساعدة للآخرين وتحوي بداخلهما عمل إنساني.

فإذا جاز استئجار الثدي للرضاعة فلماذا لا يجوز استئجار الرحم للحمل؟ فهذا الثدي يغذي اللبن لطفل غريب، وهذا الرحم يغذي الدم والأمشاج لجنين غريب، فالتغذية موجودة في الثدي والرحم، الأولى باللبن والثانية بالدم وكلاهما يتجددان، بل إن غذاء الدم أفضل واهم من غذاء اللبن.

أيضا العلاقة والارتباط النفسي والعاطفة التي تكون بين الأم المتبرعة بالرحم وبين الطفل ستكون أقوى  بكثير من تلك التي بين المرضعة والطفل الرضيع، والمتاعب والمشاق التي تتحملها الأم المستعارة أكثر من تلك التي تواجهها المرضعة، فهل فعلا يمكن قياس مسألة استئجار الأرحام على الرضاع؟

ونقول هنا إن القياس بين القضيتين هو قياس مع الفارق، لاختلاف الأمرين في عدة أمور منها:

1- إن الرضاعة عقد إجارة شرعي، نص الله تعالى عليه في القران الكريم، فقال تعالى: "فإن ارضعن لكم فأتوهن أجورهن"(الطلاق:6).

أما قضية استئجار الأرحام فهو عقد أجارة غير شرعي، حيث لم يرد نص بهذا الأمر من المشرع، والإجارة على المحرم محرم، والمرأة لا تملك تأجير رحمها لان الرحم يدخل في موضوع  الفروج، والأصل في الفروج الحرمة، وذلك لقوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون الأعلى أزواجهم أو ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"(المؤمنون:5-7).

وتنص القاعدة الشرعية أيضا على أن الأصل في الابضاع التحريم. والعقد على إجارة الرحم، يبدو وكأنه أجاره لمنفعة الرحم ولكنه حقيقة بيع لطفل مولود، وبيع  الحر حرام.

2- إن اللبن في الثدي معد للخروج فمن الطبيعي انه سيخرج من الثدي وهو يعتبر من إفرازات الجسم، فيعتبر فضلة طاهرة وطيبة، جعلت في الجسم لتخرج منه فينتفع بها الآخرون وحتى إذا لم ينتفع بها الآخرون فهي ستخرج من الجسم بكل الأحوال.

أما الرحم فهو عضو أساسي وثابت وله أهميته، حيث يقوم بوظيفة الحمل والتي تعتبر وظيفة مهمة في حياة كل امرأة، هذه الوظيفة التي تترك آثارا كثيرة على حياة الأم ونفسيتها، فالحمل يؤدي إلى تغييرات فسيولوجية ونفسية وجسدية.

وهذه الآثار لا تنعكس بهذا الكم الهائل على الأم بالرضاع، فالأم بعد أن تلد تتعلق كثيرا بمولودها ولا تستطيع التخلي عنه وذلك يعود للروابط العاطفية والنفسية الناجمة عن عملية الولادة، أما في الرضاع فلا توجد علاقات قوية مثل هذه.

أيضا ممكن أن تموت الأم أثناء الولادة وتهلك وتصبح شهيدة في ميزان الإسلام، أما الرضاع فلا يؤدي إلى الهلاك.

3- استئجار المرضعة ليس بحاجة إلى عقد زواج بين الزوج والد الطفل والمرضعة، أما في استئجار الأرحام لا بد فيه من عقد زواج بين الزوج وصاحبة الرحم  المستأجر (هذا وفق ما أفتى به غالبية علماء المسلمين لجواز استئجار الأرحام).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال