الرحم في القرآن.. إضفاء القداسة على الرحم ووضعها محل التقدير والحرص ويبعدها عن العبث واللهو بها

لقد اهتم الإسلام واعتنى  بالرحم ودعا الى تقديسه من خلال آيات القرآن الكريم، خاصة بعد أن كان الرحم في الجاهلية موضع الاستهانة والاحتقار بسبب عادات وممارسات قذرة برحم المرأة.

ويدخل في هذا الباب النكاح الجماعي، وفيه يدخل على المرأة جمع من الرجال، والمرأة لا تمنع من يدخل عليها فإذا حملت ووضعت، دعوا ألقافه والحقوا الولد بمن يرونه مناسبا.

أو "نكاح الرهط" حيث يدخل رهط من الرجال على المرأة فيجامعوها، فإذا حملت ووضعت أرسلت إليهم واختارت احدهم لتلحق ولدها به دون اعتراض الآخرين.

ونكاح غريب آخر فيه يسمح الرجل لزوجته أن تجامع رجلا آخر ويعتزلها زوجها بعد ذلك حتى يظهر حملها من هذا الغريب، وهذا كله لصفة في الرجل الغريب يرغب الزوج أن تنتقل لابنه وهذا هو نكاح الاستبضاع.

هذا هو حال الرحم في الجاهلية فجاء القرآن الكريم وتحدث بآيات كريمة عن الرحم وبين أهميته فقال تعالى:

1- "ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلنه في قرار مكين الى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون" (المرسلات:20-23).
والقرار هنا الرحم، وسمي القرار لانه مستقر ومتين، حيث أن الرحم متمكنة ومستقرة في جسد المرأة ودليل ذلك عدم انفصالها بسبب ثقل الحمل، وهي طبعاً الوعاء الذي يتكون فيه الإنسان أو الجنين.

2- "إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وهو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا اله إلا هو العزيز الحكيم" (آل عمران: 6).
أي أن الله تعالى هو الذي يخلق الإنسان في رحم أمه كما يشاء من ذكر أو أنثى أو حسن وقبيح.

3- "والله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزاد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال" (الرعد:8).
أي أن الله وحده الذي يعلم ما تحمله كل أنثى في بطنها هل هو ذكر أم أنثى؟ تام أو ناقص؟ حسن أو قبيح؟ وهو وحده يعلم ما تغيض الأرحام أي ما تنقصه الأرحام بإلقاء الجنين فبل تمامه أو ما تزداد على الأشهر التسعة، فتغيض الأرحام بالوضع لأقل من تسعة أشهر، وتزداد بالوضع لأكثر من تسعة أشهر، والمراد هنا بالغيض- السقط الناقص وبالازدياد: الولد التام2.

4- "يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمّى" (الحج:5).
أي أن الله تعالى يثبت من الحمل في أرحام الأمهات من يشاء أن يقره فيها حتى يتكامل خلقة حتى يأتي وقت الوضع3.

5- "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله أن الله بكل شيء عليم" (الأنفال:75).
أي أن أصحاب القرابات بعضهم أحق بإرث بعض من الأجانب في حكم الله وشرعه.

6- "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان الله كان عليكم رقيباً" (النساء:1).
أي اتقوا وخافوا الله الذي يناشد بعضكم بعضا به حيث يقول: أسألك بالله، وأنشدك بالله، واتقوا الأرحام أن تقطعوها2.

نرى من الآيات الكريمة أعلاه أن كلمة رحم في القرآن الكريم تأتي بمعنيين وهما:
1- الرحم الذي ينمو فيه الجنين حتى يأتي وقت الوضع.
2- الصلة والقرابة التي تربط بين الأقرباء خاصة وبين نبي آدم عامة3.

وهذه الآيات الكريمة إنما تشير إلى أهمية الرحم وتذكر بالرحم، وترفع من قدرها، وهي آيات يتعبد بها جميع المسلمين، الأمر الذي يضفي على الرحم القداسة ويضعها محل التقدير والحرص ويبعدها عن العبث واللهو بها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال