موقف الشريعة الإسلامية من جراحة تغيير الجنس.. الرجل إذا طلب هذا النوع من الجراحة إنما يقصد أولا وقبل كل شيء مشابهة النساء وكذلك المرأة

يُعتبر هذا النوع من الجراحة الطبية محرما شرعا، وذلك لما يلي:
أولا: لقوله تعالى - في حكاية عن إبليس لعنه الله: (ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله).
وجه الدلالة: أن الآية تضمنت حرمة تغيير خلق الله على وجه العبث، وهذاالنوع من الجراحة فيه تغيير للخلقة على وجة العبث، إذ يقوم الطبيب الجراح باستئصال الذكر والخصيتين وذلك في حالة تحويل الذكر إلى أنثى، أو يقوم بإستئصال الثديين وإلغاء القناة التناسلية الموجودة في الأنثى في حالة تحويلها إلى ذكر.
ثانيا: لما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال".
وجه الدلالة: أن الحديث دل على حرمة تشبه الرجال بالنساء والعكس، ولعن من فعل ذلك وهذا النوع من الجراحة سبب يتوصل به لتحصيل هذا الفعل المحرم الذي يعتبر من كبائر الذنوب.
لأن الرجل إذا طلب هذا النوع من الجراحة إنما يقصد أولا وقبل كل شيء مشابهة النساء، وكذلك المرأة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: "الحكمة في من تشبه إخراجه الشيء عن الصفة التي وضعها عليه أحكم الحكماء، وقد أشار إلى ذلك في لعن الواصلات بقوله (المغيرات خلق الله)".
وهذا الإخراج الذي ذكره - رحمه الله - إنما يتحقق في مسألتنا هنا بالجراحة فهي وسيلة للمحرم من هذا الوجه، وعليه فإن فعلها يعتبر من باب المعونة على الإثم وذلك محرم شرعا.
قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان..)
ثالثا: أن هذا النوع من الجراحة يشتمل على استباحة المحظور شرعا دون إذن الشارع، إذ فيه كشف كل من الرجل والمرآة عن موضع العورة، ويتكرر ذلك مرات عديدة، وقد دلت الأدلة الشرعية على حرمة ذلك الكشف، ولم يوجد في هذه الجراحة دافع ضروري ولا حاجي يستثنى الكشف في هذه الجراحة من ذلك الأصل فوجب البقاء على حرمته، وحرمة الوسائل المفضية إليه.
رابعا: أنه ثبت بشهادة بعض المختصين من الأطباء ان هذا النوع من الجراحة لا تتوفر فيه أي دوافع معتبرة من الناحية الطبية، وأنه لا يعدو كونه رغبة تتضمن التطاول على مشيئة الله تعالى وحكمته التي اقتضت تحديد جنس الإنسان ذكرا كان أو أنثى.
يقول الدكتور ماجد عبد المجيد طهبوب بعد ذكره للمبررات التي يتعذر بها الطالبون لهذه الجراحة: "لا يوجد لدي أدنى مجال للشك في أن مثل هذه العمليات هي ضرب من التطاول على مشيئة الله سبحانه وتعالى بتحديد جنس المخلوق".
خامسا: قال الإمام القرطبي (رحمه الله): "لا يختلف فقهاء الحجاز وفقهاء الكوفيين أن خصاء بني آدم لا يحل، ولا يجوز لأنه مثله".
فإذا كان هذه التحريم متعلقا بالخصاء الذي فيه تغيير لشئ من مهمة العضو، فكيف بالتغيير الكامل" ولا شك أنه أولى وأحرى بالتحريم.
لهذا كله فإنه لا يجوز للطبيب ولا للطالب رجلا أو إمراة أن يقدم على فعل هذا النوع من الجراحة.. والله أعلم.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال