العلاج الواجب.. المرض إذا لم يعالج سيؤدي إلى التهلكة أو إلى تلف عضو من الأعضاء أو الإعاقة الدائمة

يجب العلاج (التداوي) اذا علم أن الدواء يزيل المرض يقيناً أو يغلب على الظن الشفاء به بإذن الله، لأن الأحكام الشرعية مبنية على غلبة الظن وأن المرض إذا لم يعالج سيؤدي إلى التهلكة، أو إلى تلف عضو من الأعضاء، أو الإعاقة الدائمة، أو أن المرض معدٍٍ، وسيؤدي إلى إصابة الآخرين اذا لم ُيعالج.

والعلاج الواجب له وجهان:

جانب متعلق بالمريض:

1- إذا أصاب المريض مرض خطير يترتب عليه تلف النفس أو عضو من الجسد مثال ذلك رجل حدث له حادث في الطريق فبدأ ينزف، فهل يجب علاج ذلك حتى يوقف النزيف الذي قد يودي به إلى التهلكة؟  فالجواب: نعم.

2- مريض أصيب بحمى شوكيه (خاصة عند الأطفال)، فهل يجب علاجه؟.
فالجواب نعم، لما يترتب على ذلك من تخلف عقلي وإعاقة بدنيه في حق  المصاب.

3- مريض مصاب بالتهاب في المجاري البولية وحدث عنده تجرثم في الدم، فالعلاج في حقه واجب لأنه يمكن أن يموت بصدمة جرثومية Septic shock.

4- أمراه حامل مصابة بالإنسمام الحملي Preeclampsia فالعلاج في حقها وفي حق الجنين واجب.

5- مريض شاب مصاب بجلطة في القلب أو جلطة في الرئة فالعلاج في حقه واجب.

6- مريض مصاب بقرحة حادة في المعدة تنزف دما ، إذا لم يعالج فقد يموت من النزيف، فالعلاج في حقه واجب.

7- طفل حديث الولادة اكتشف لديه نقص في إفراز الغدة الدرقية، فالعلاج في حقه واجب لما يترتب على عدم العلاج من تخلف عقلي.
وهذه الحالات وأمثالها مقطوع أو يغلب على الظن أثر العلاج عليها وهي تشبه إنقاذ معصوم من هلكة أو غرق أو هدم أو نحوه.

وجانب متعلق بالمجتمع:

فإذا كان هناك مريض مصاب بداء قد يؤدي إلى وباء عام مثل الكوليرا أو الحمى الشوكيه في الحج أو غيره، فهذا علاجه واجب من جانبين جانب في حق المريض وجانب في حق المجتمع، فإذا كان العلاج واجباً فتركه الواجب محرم.

وليس من حق المريض أو وليه أن يرفض العلاج إذا تحقق الضرر وكان العلاج يغلب على الظن أنه ناجع، فالشريعة جاءت لحفظ الكليات الخمس ومنها(النفس والعقل).

 قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام: "الطب كالشرع وضع لجلب مصالح السلامة و العافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام"  وإذا ترك المسلم واجباً فهو آثم".

وإذا رفض مريض يشكل مرضه خطراً على المجتمع أو وليه العلاج فمن حق أفراد المجتمع أو طائفة منهم أن يتقدموا إلى الوالي (السلطة) بطلب علاج ذلك المريض أو عزله ، ومن حق المجتمع مطالبة الوالي (السلطة) بالزام المريض أو وليه  بالعلاج إذا تحقق الضرر وكان العلاج ناجعاً بإذن الله تعالى.

ومما ينبغي التنبيه عليه أن أقوال السلف بترك التداوي أو الجواز أو الإستحباب -في الغالب- مبنية على عدم القطع بإفادة العلاج، أما لو ُقطع بفائدته كعصْب محلّ الفصد فإنه واجب. وقولهم بعدم الوجوب لا يخرج عن كون علاج الأمراض التي يتناولونها بالبحث في زمنهم، لا يحصل فيها قطْعٌ أو غلبةُ ظن بأن العلاج يؤدي إلى الشفاء بإذن الله تعالى.

وإذا قلنا بوجوب التداوي في مثل هذه الحالات ، فإنه ينبني عليه أن من له ولاية عامة أو خاصة على مريض فإنه يلزمه بالتداوي، لأن من وجب عليه شيء بحكم الإسلام شرع الإحتساب عليه، لإلزامه بما أوجبه الله عليه، لكن لا يتعين عليه التداوي في مستشفى معين أو عند طبيب محدد.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال