العمل الطبي في القضاء المصري.. مسؤولية الطبيب عن خطئه في التشخيص والعلاج لا تقوم إلا بتوفر الخطأ الجسيم

سار القضاء المصري نفس طريق القضاء الفرنسي في نظرته للعمل الطبي، ففي بداية عهده قصر مفهوم العمل الطبي على تشخيص الأمراض وعلاجها.

فقد قضت المحاكم المختلطة المصرية بأن مسؤولية الطبيب عن خطئه في التشخيص والعلاج لا تقوم إلا بتوفر الخطأ الجسيم، وفي نفس السياق أيضا ذهبت محكمة "مصر" إلى استعمال منتهى الشدة في تقدير أخطاء الأطباء الأخصائيين، لأن واجبهم الدقة في التشخيص والاعتناء، وعدم الإهمال في المعالجة، وهذا يفهم منه أن التشخيص والعلاج هو من صميم أعمال الأطباء.

كما قضت محكمة النقض بأنه وإن كان وصف الأدوية لتطبيق علاج صحيح مبني على حق الطبيب في مزاولة مهنته، فإنه يجب أن يلتزم فيه بالقانون، وبالتالي فإن إساءة استعمال الحق في وصف المخدر، لا يرمي من وراءه إلى علاج طبي، بل يكون قصده تسهيل تعاطي المخدرات للمدمنين عليها، فذلك يوجب المساءلة.

وقد أدى تطور مفهوم العمل الطبي في التشريع المصري إلى اتساع نطاقه وانعكاس ذلك على أحكام القضاء، حيث جنح في أحكامه إلى توسيع العمل الطبي ليشمل إجراء العمليات ووصف الأدوية وإعطاء الاستشارات الطبية والعقاقير.

وفي حكم حديث نسبيا، ذهبت محكمة النقض إلى اعتماد المفهوم القانوني للعمل الطبي، حيث اعتبرت أنه لا يمكن لأحد مزاولة مهنة الطب ومباشرة الأفعال الواردة في نص المادة الأولى من القانون رقم (415) لسنة 1954، بأية صفة، إلا إذا كان طبيبا مقيدا اسمه بسجل الأطباء بوزارة الصحة.

ويظهر بوضوح مما سبق أن القضاء المصري قد احتوى التطورات الحاصلة في نطاق الأعمال الطبية، التشريعية منها أو العملية، والتي تكون محلا متجددا لأقضيته.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال