الحياة متناغمة متكاملة في تكوينها...
فيها أخذ وعطاء... ليل ونهار...
صيف وشتاء...
فيها أخذ وعطاء... ليل ونهار...
صيف وشتاء...
لو كان فيها عطاء فقط، من أين ستعطي؟؟ ولو كان فيها أخذ فقط فمن أين سوف تأخذ؟؟...
الحياة فيها الاثنين معاً... وهنالك توازن عميق بين الأخذ والعطاء...
انظر إلى الشجرة، الجذور تأخذ من الأرض، ثم تعطي الثمار والأزهار لتعيدها إلى الأرض... إنها دائرة مغلقة...
الإنسان، بسبب جهله، تجاهل هذه الحلقة وكسرها... لذلك نواجه اليوم الكثير من المشاكل مع أمنا الأرض ووصلنا إلى حافة الانهيار... نحن نأخذ من الأرض باستمرار ولكن لا نفكّر بإعادة شيء ونواصل الإنكار... لذلك تحوّلت إلى أم عاقر، جرداء ميتة... وإن كانت الأرض تموت فكذلك جزء داخلنا يموت أيضاً لأننا جزءٌ منها وهي جزءٌ منا...
أنت تعتقد أن الأشجار تعتمد على الأرض لأن لها جذور فيها وتأخذ غذاءها عن طريقها... ولكن أنت أيضاً تعتمد على الأرض بنفس الطريقة لأن تلك الفواكه والأزهار تأتي في النهاية إليك... لذلك عليك أنت أيضاً أن تشارك... أنت مثل الشجر ولكنك تتحرك... أنت شجر متحرّك...
في أفريقيا هناك نوع من الأشجار يمكنها المشي... لكن التربة الصلبة ليست مناسبة لتلك الأنواع من الأشجار لأنها لا تسمح لجذورها بالحركة... لكن في أفريقيا هنالك أجزاء من الأرض لا تكون قاسية وفي تلك الأماكن تنمو أشجار لها القدرة على الانتقال من مكان إلى آخر... إن كانت المياه موجودة في شمال المكان، تبدأ الأشجار بالتحرّك شمالاً... وعندما تنتهي المياه تعود في الاتجاه الذي يحوي على المياه الأكثر...
نحن أيضاً أشجار... نحن أيضاً موصولون مع الوجود بطرق كثيرة... في كل لحظة تتنفس فيها، شهيق وزفير... حاول أن لا تزفر... لأن الزفير يمثّل المشاركة... فهو نفس خارج منك... ستجد بأنك ستموت في لحظات...
الحياة مبنيّة على هذا التناغم... فأنت تقدّم غاز ثاني أكسيد الكربون عن طريق نفسك الذي يخرج منك، والأشجار تحتاج إلى ذلك الغاز لكي تتنفس بدورها وتعطي غاز الأكسجين...
هنالك نوع من الأخوّة والتقارب بين البشر والشجر... لا يمكن لأحدهما أن يعيش بدون الآخر أو يستمر وحده...
هناك أخذ وعطاء مستمر في هذه الحياة... الشمس تعطينا الحياة وكل ما نحتاج إليه من المواد المغذيّة... القمر يعطينا شيء غامض وغريب، لم يكن بإمكان أحد أن يعرف ما هو... أغلب الحكماء والأولياء حصلوا على نورهم الداخلي (استناروا) عندما كان القمر بدراً مكتملاً... حتى على مستوى الناس، عندما يكون القمر مكتملاً، عدد كبير من الناس يُجن وينتحر أكثر من أي يوم آخر... ولا شك بأن للقمر علاقة بذلك...
سواء كانت الاستنارة أم الانتحار فلا بد أن للقمر علاقة بذلك... لأنه يحرّك ما بداخلك، يعطيك دفعة قوية لتنفذ ما تريد... فإذا أردت أن تدخل إلى نفسك فالقمر يساعدك ويأخذك أعمق وأعمق في داخلك... إذا أردت أن تقتل أحد فكذلك يعطيك القوة والقدرة على فعل ذلك وهو شيء لم تكن قادراً عليه في غير ليالي البدر المكتمل... لذلل فهو يقويك ويمنحك ما تريد...
هذه العلاقة لا يمكن أن تكون من طرف واحد... فكما نحن مع الأشجار نأخذ ونعطي باستمرار، فلا شك أيضاً نأخذ ونعطي مع الشمس والقمر بلا تعب أو هوان... لأنه لا بد من إكمال الحلقة ورفع الميزان... لم يستطع أحد حتى الآن أن يكتشف ماذا نعطي القمر أو الشمس، ولكن في القريب العاجل سيتم الاكتشاف ويظهر البرهان...
إذا لم تشرق الشمس في أحد الأيام، نحن أيضاً لن نستيقظ أبداً، ولا حتّى لشرب الشاي في السرير... ببساطة سنكون أموات لأن مصدر حياتنا يأتي من تلك النجمة البعيدة التي نسميها الشمس... ولكن أيضاً بالرغم من عدم وجود البرهان على ذلك، فإنه إذا غابت عن سطح الأرض أشكال الحياة من حيوان وشجر وإنسان، وهذا ما يسعى إلى تحقيقه زعماء الحروب في هذا العالم، فإن الشمس لن تستطيع الإشراق... لأننا مع الأرض والشمس نشكل وحدة متكاملة طبيعية كاملة...
فمن المستحيل أن نكون آخذين فقط... فكما نأخذ حياتنا من الشمس بطريقة ما فكذلك نحن نعطيها الحياة بطريقة ما أيضاً... وفي تاريخ الفراعنة كانت لديهم عادة تحيّة الشمس رافعين أيديهم لها كشكر وامتنان وإعادة جزء مما تقدمه لهم في حياتهم...
كل أشكال الحياة مرتبطة ببعضها... كلٌّ واحد وكيان واحد مرتبط مع بعضه البعض، فلا وجود لجزء أو شيء معزول ومفصول بل كل شيء موصول مع جوهر هذا الوجود...
لذلك كن محباً أكثر ومبدعاً أكثر ومتأملاً أكثر ولا تنسَ أن تشارك أكثر... لأنه كلما شاركت مع هذا الموجود سيشاركك الوجود أكثر ويمطر عليك بركاته ونعمه وأزهاره...
كن في حال من التوحّد مع هذا الكون، تاركاً كل الصراع والحرب والعدوان في داخلك وخارجك... لأن هذا الصراع يدمرك ولا يترك لك طاقة لتشاركها...
أما عندما تكون واحداً مع هذا الموجود، وتذوب القطرة في المحيط ستشعر بطاقتك تعلو وتسمو وتصبح غير منتهية وكأنك غيمة ماطرة مليئة بالماء تريد المشاركة بما لديها في أي مكان وأي زمان...
المشاركة هي الحقيقة الأثمن في هذا الوجود...
وتذكر أن تعطي بتواضع وأن تأخذ بامتنان...
التسميات
غضب