الأغلف نجس.. تطهير المرأة من نجاستها بعد ولادتها. الرجل غير الطاهر الذي لا يحمل علامة الانتماء لشعب الله المختار

تعتبر الشعوب الاستراليّة البدائيّة غير المختون نجساً. فلا أحد يأخذ أكلاً من يد رجل غير مختون أو حتّى يأكل في حضرته. وفي كل المجتمعات البدائيّة التي تمارس ختان الإناث، لا يمكن لامرأة مختونة أن تتزوّج من رجل غير مختون ولا رجل مختون أن يتزوّج من امرأة غير مختونة. فعدم الختان يعتبر علامة نجاسة في تلك المجتمعات . ونحن نجد مثل هذه القواعد بخصوص النجاسة في النصوص اليهوديّة المقدّسة.
وإذا كان الختان في سفر التكوين هو علامة عهد، فإنه في الفصل 21 من سفر الأحبار قد جاء ضمن القواعد الخاصّة بتطهير المرأة من نجاستها بعد ولادتها. فلا يحق للام أن «تلامس شيئاً من الأقداس ولا تدخل المقدس، حتّى تتم أيّام تطهيرها». ومدّة تطهير الأم تختلف حسب المولود. فإن كان ذكراً، تكون نجسة لمدّة سبعة أيّام ومن بعدها تختن غلفة المولود وتظل 33 يوماً في تطهير دمها. أمّا إذا ولدت أنثى، فإن الأم تكون نجسة أسبوعين، و66 يوماً تظل في تطهير دمها. وفي الآية الثالثة من هذا النص، هناك أمر بختان المولود الذكر تقول: «في اليوم الثامن تختن غلفة المولود». ووجود أمر الختان في هذا الفصل الخاص بنجاسة الأم وسبل تطهيرها طرح مشكلة للمفسّرين. فمنهم من اعتقد أن الطفل اعتبر نجساً بسبب ملامسته أمّه النجسة بسبب الولادة، فيكون الختان أسلوباً لتطهيره من نجاسة أمّه. إلاّ أن بعض المفسّرين اختصر الطريق معتبراً تلك الآية قد دست دساً في النص من قِبَل جامع سفر الأحبار المجهول الاسم . وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يوجد عند المسلمين موقفاً مماثلاً للموقف اليهودي بخصوص عدم طهارة الأم التي تلد، وقد يكون هذا امتدادا للفكر اليهودي.
ومهما يكن، فإن نصوص التوراة تعتبر الأغلف (أي غير المختون) نجساً. فهي تطلق كلمة الأغلف على غير اليهودي وهي تعني الرجل غير الطاهر الذي لا يحمل علامة الانتماء لشعب الله المختار. كما أن سفر الأحبار يطلق كلمة الأغلف على ثمار الشجر في السنين الثلاث الأولى والتي لا يحق أكلها لأنها غير طاهرة (23:19-25). وفي سفر يشوع نقرأ أن يشوع ختن اليهود قَبل دخولهم أرض الميعاد. وهكذا رفع عار المصريّين عن اليهود (يشوع 9:5). ويمكن أن يفسّر هذا النص بأن عدم ختان المصريّين هو عار على المصريّين. كما أنه يمكن أن يفسّر أن المصريّين كانوا يعيِّرون اليهود بعدم ختانهم. فبختان اليهود رفع تعيير المصريّين عنهم. وفي كلا التفسيرين، يعتبر عدم الختان عاراً.
وتعيد علينا المشنا أن الغلفة نجسة لأن الكتاب المقدّس اليهودي يعيب على الوثنيّين عدم ختانهم، معتمدة في ذلك على آية أرميا 25:9: «مصر ويهوذا وأدوم وبني عمون وموآب، وكل مقصوصي السوالف الساكنين في البرّية، لأن كل الأمم غلف، وكل بيت إسرائيل غلف القلوب».
وفي رواية يهوديّة طرحت ملكة سبا على سليمان إعجازاً. فقد جمعت عدداً من الرجال، بعضهم مختون والبعض الآخر غير مختون، وطلبت من سليمان أن يفرّق بين المختون وغير المختون. فأشار سليمان على كاهن الهيكل أن يفتح تابوت العهد الذي يحتوي نص التوراة. عندها انحنى المختونون نحو التابوت مملوئين إشعاعاً من وجود الله. أمّا غير المختونين فقد سقطوا على وجههم لأنهم لم يتحمّلوا وجود الله.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال