تحت يدي كتيّب صغير لدكتور يهودي في علم النفس اسمه «رولاند جولدمان» يحاول فيه تشجيع ترك الختان بين أفراد طائفته وغير طائفته. وقد أسّس هذا المؤلّف مركزاً متخصّصاً في مناهضة الختان. ولا بد من الإشارة إلى أن كاتبنا هذا أصدر كتاباً كبيراً عرض فيه الآثار السلبيّة التي يبقيها الختان على الطفل والمجتمع، هدفه الواضح منه أن يبيّن ضرورة ترك الختان.
يبيّن هذا المؤلّف تطوّر الفكر الديني عند المؤلّفين اليهود وأثر ذلك على الختان. فبموازاة الفكر التقليدي اليهودي الذي يرى في التوراة كلام الله وفي الختان طاعة لأوامر الله، هناك فكر يهودي يرى ضرورة الإصغاء ليس فقط لكلام الله، بل أيضاً للكلام الذي يأتي من داخل الإنسان. ولا تضارب بين الصوت الخارجي (كلام التوراة) والصوت الداخلي (صوت الضمير). فإذا كان الإنسان على صورة الله، فهناك إذاً وحدة بين طبيعة الله وطبيعة الإنسان. وبطبيعة الحال، هذا الفكر لا يعطي للتوراة المعنى التقليدي، أي كتاب منزل من عند الله. ففي استطلاع للرأي لعام 1990، اعتبر 13% فقط من التيّار المجدّد أن التوراة كلام الله. ويضيف المؤلّف أن الختان قد كاد يفقد معناه عند المؤلّفين اليهود المجدّدين الذين أدخلوا تفاسير جديدة للختان. فهم يرون بأن شعوباً أخرى غير اليهود مارست الختان قَبلهم. وهو تضحية لله حلّت محل تضحية الابن البكر التي نرى أثراً لها في كتاب الخروج حيث نقرأ: «فائض بيدرك ومعصرتك لا تبطئ في تقريبه. وبكر بنيك تعطيني إيّاه. وكذلك تصنع ببقرك وغنمك. سبعة أيّام يكون مع أمّه، وفي اليوم الثامن تعطيني إيّاه» (الخروج 28:22-29). ومنهم من يرى أن الختان هو طريقة كانت تتّبع لتهدئة الآلهة لضمان الخصب كما هو الأمر حاليّاً بين القبائل الإفريقيّة البدائيّة. فيهب الإنسان الله جزءاً من الذكر لضمان حماية الباقي. ومنهم من يعتبر الختان علامة العبيد وبرهان ذلك ما جاء في سفر التكوين: «يُختن المولود في بيتك والمشترى بفضّتك» (13:17). وقد ورثها اليهود عن المصريّين عندما كانوا عبيداً في مصر. فبعد خروجهم من مصر، استمر الآباء بختان أبنائهم حتّى يتم الشبه بينهم وبين أبنائهم. ولكي يستريح الآباء من توبيخ ضمائرهم بسبب ما يفعلوه بأطفالهم، فقد ربطوا الختان بوصيّة دينيّة إلهيّة. أو كما يقول أحدهم: «بما أني لا استطيع تحمّل كل المسؤوليّة بنفسي، لذا فإني بحاجة إلى أمر إلهي». وهكذا القوا التبعيّة على الله .
ويرد المؤلّف على من يحاول تثبيت الختان بإثارة مشاعر الانتماء للشعب اليهودي وتاريخه وذكر من صمد منهم أمام اضطهاد الذين أرادوا منعهم من ختان أولادهم. يقول مؤلّفنا بأن شجاعة السلف للحفاظ على إيمانهم تستحق كل التقدير، إلاّ أن السلف كانوا يجهلون ما نعرفه نحن حول الختان. أضف إلى ذلك أن ليس كل اليهود يشاركوهم إيمانهم ذاك. كما أن الختان لا يمكن اعتباره إشارة انتماء للشعب اليهودي لأن اليهودي حسب الشريعة اليهوديّة هو من يولد من أم يهوديّة وليس من يُختن، والإبقاء على الغلفة لا ينقص من يهوديّة اليهودي. وقد يكون رفض الختان تأكيداً أكبر للانتماء اليهودي من الختان ذاته إذ يتطلّب إثبات الذات.
هناك من يعتبر رفض الختان نوعا من الإلحاد والتحلّل من القيم اليهوديّة. يرد المؤلّف على هذا القول: إذا كانت اليهوديّة مرتبطة بقطع غلفة الطفل، فهذا يعني إهمال المبادئ والأفكار اليهوديّة الأساسيّة. فالشخص المختون الذي يعمل أعمالاً سيّئة لا يمكن اعتباره أعلى درجة من الشخص الأغلف الذي يعيش حياة أخلاقيّة رفيعة. هل يهودي كافر مختون هو أكثر اعتبارا من يهودي أغلف يؤمن بالله؟ فقطع الغلفة لا يضمن أن يكون الشخص مؤمناً أو غير مؤمن .
ويبيّن هذا المؤلّف أنه بالرغم من صلابة موقف الرافضين على المستوى الفكري والعلمي، إلاّ أن هذا الموقف يتطلّب شجاعة خاصّة لمواجهة الضغوط من قِبَل العائلة والطائفة. وهناك يهود يرفضون الختان ولكنّهم لا يستطيعون مواجهة محيطهم، فيتمنّون أن يكون المولود أنثى حتّى لا يجبرون على ختانه. وهذا الخوف يُحوّل حمل بعض الأمّهات إلى جحيم. وهذه الأمّهات تتنفّس الصعداء عندما تولد لها بنت .
وفي مقال عنوانه «الختان مصدر ألم يهودي»، يشرح هذا المؤلّف موقفه الناقد للختان. يقول المؤلّف بأنه صدرت خلال القرون كتابات لليهود تبيّن أهمّية الختان. والتأييد للختان منتشر في الطائفة اليهوديّة فلا جدل مفتوح يوجد داخل هذه الطائفة حول الختان. ولكن هناك نظرة أخرى تم تجاهلها. فخلافاً للاعتقاد السائد، لم يكن الختان معمولاً به دائماً. فموسى لم يختن ابنه (الخروج 25:4). كما أن الختان تم تركه خلال الأربعين سنة التي قضاها الشعب اليهودي في الصحراء (يشوع 5:5). وبعض اليهود تركوا الختان في العصر الهيليني ما بين عام 300 قَبل المسيح وعام 100 بعد المسيح تمشّياً مع المجتمع الذي يعيشون فيه. وفي ألمانيا، خلال مرحلة التجديد في القرن الماضي ترك بعض الأهل ختان أولادهم. وهرتسل نفسه لم يختن ابنه الذي ولد عام 1891. والختان لا يُمارس بصورة عامّة بين اليهود داخل أو خارج الولايات المتّحدة. حتّى في إسرائيل هناك من لا يختن أولاده. فهناك منظمة تكافح ضد الختان.
ثم يعرض المؤلّف الأسباب التي من أجلها ترك هؤلاء اليهود الختان.
- في مسح لعام 1990، تبيّن أن 90% من اليهود يعتبرون انتماءهم لليهوديّة انتماءً عرقياً وثقافياً، وأن فقط 13% يعتقدون أن التوراة هي كلمة الله الحقيقيّة. وينقل المؤلّف قولاً لحاخام يهودي مجدّد بأن اليهود المجدّدين يؤمنون بأنهم يعبدون الله بصورة أفضل إذا ما كانوا صادقين مع عقولهم وضمائرهم حتّى وإن اصطدموا بمواضيع مُهمّة من تراثهم. وهذا القول يتّفق مع رأي الأكثريّة اليهوديّة في أمريكا.
- أكثريّة اليهود يقومون بالختان لأسباب ثقافيّة وليس لأسباب دينيّة لأنه ينقصهم المعنى الديني للختان. فهم يختنون لأنهم يرون فيه رباط مع الشعب اليهودي والثقافة اليهوديّة ووسيلة للإبقاء عليهما، وليس لأسباب دينيّة أو صحّية. وبطبيعة الحال غريزة البقاء مُهمّة أمام الخطر الأكبر الذي يتهدّد اليهود اليوم وهو انخراطهم في مجتمعاتهم (assimilation). فأكثر من نصف اليهود يختارون اليوم زوج أو زوجة غير يهوديين. ولذلك يعتبر الختان وسيلة للحفاظ على هويّتهم. ولكن هذه الفكرة مغلوطة. فاليهودي هو من يولد من أم يهوديّة وليس من هو مختون. وعدم الختان لا يعني تخلّي اليهودي عن هويّته.
- إن الشكوك المتزايدة حول الختان اليهودي تعتمد على كون الختان يؤدّي إلى أذى. إن الدراسات توصّلت إلى ما تشعر به الأم وهو أن الطفل يتألّم. فالطفل ينفعل مع الألم مثل الكبير إن لم يكن أكثر. وهذا مُعترف به من جميع الأوساط الطبّية. والختان هو من أشد العمليّات ألماً بين تلك التي يتعرّض لها الطفل. وإذا لم يصرخ الطفل خلال الختان، فهذا سببه المخدّرات التي أعطيت للأم خلال عمليّة الولادة والتي مرّت في جسمه. وبعض الأطفال يمرّون في مرحلة نصف غيبوبة وصدمة بسبب ألم الختان. ورغم عدم صراخه، فإن مستوى هرمونات الضيق يرتفع في الدم، وهذا أكبر دليل على أن الطفل يتألّم. ممّا يعني أن عدم الصراخ لا يعني بحد ذاته أن الطفل لا يتألّم.
- يترك الختان في ذاكرة الطفل أثراً قد يحد من قدرته على التأقلم بمحيطه على المدى القصير ويخلق توتّراً في علاقته مع أهله. فالختان يفسد العلاقة بين الأم والطفل. وقد أوضحت مجموعة الدراسة الخاصّة بالختان في الأكاديميّة الأمريكيّة لطب الأطفال بأن الطفل بعد الختان يصبح أكثر تهيّجاً ويتغيّر نظام نومه وعلاقته مع أمّه. والأطفال المختونون يصرخون ويتألّمون أكثر من غير المختونين عند تطعيمهم ما بين أربعة وستّة أشهر من عمرهم.
- مهما كان مكان الختان، في المستشفى أو من قِبَل الموهيل في البيت، هناك ما لا يقل عن 20 خطراً يتعرّض لها الطفل أثناء الختان، منها النزيف والالتهاب، وقد يؤدّي الختان إلى الموت في بعض الحالات النادرة. ولهذا السبب تمنع الشريعة اليهوديّة إجراء العمليّة على أطفال مات إخوتهم بسبب الختان.
- الختان يضعف الجنس حسب قول ابن ميمون. وهذا ما تثبته الدراسات الحديثة. فالغلفة تحمي الحشفة من الجفاف والتخشّن وتقليل حساسيّتها. والغلفة بحد ذاتها تحتوي على شرايين مهيّجة جنسيّاً، وإذا ما فُقِدَت فإن التهيّج الجنسي يضعف. وهي تلعب دوراً في تشحيم العضو التناسلي، فإذا ما قُطِعَت يلزم اللجوء إلى مواد دهنيّة اصطناعية. وقد تبيّن من أشخاص تم ختانهم كباراً بأن الختان أضعف حساسيّتهم الجنسيّة. وكثيراً من الذين ختنوا كباراً يتندّمون على ذلك. والمختونون أكثر لجوءً من غير المختونين لوسائل التهيّج غير العاديّة مثل العلاقة الجنسيّة بالفم أو العادة السرّية.
- قد يخلق الختان توتّراً في العلاقة بين اليهودي وطائفته. فموضوع الختان قليلاً ما يطرح، ممّا يسبّب شعور بعدم ارتياح وبالوحدة أمام المشكلة التي تعيشها الأم. وكثيراً من المشاكل الناتجة عن الختان يتم التكتّم عنها. وشعور الطفل الذي يرحّب به في الطائفة لا يؤخذ بالحسبان.
- بعض الأمّهات تتمنّى أن يكون المولود بنتاً حتّى تحل المشكلة من أساسها. وبعض العائلات التي عاشت الختان وأحسّت بألم الطفل مرّت بتجربة أليمة، خاصّة عند الأم. وإذا كانت بعض العائلات لم تشعر بهذا الأمر فهذا ناتج إمّا لأن عدم مساندة المحيط لها في ألمها يجبرها على إخفائه، وإمّا لأن الطفل في حالة إغماء وصدمة تمنعه من الصراخ.
- الختان مخالف للأخلاقيّات اليهوديّة. فالشريعة اليهوديّة ترفض إيلام أي مخلوق حي. كم واحد منّا سيقبل بالختان لو تم عليه كبيراً؟ وبأي حق نمارس الختان على الغير؟ إن هذا مخالف للقاعدة التي تقول: «ما كان بغيضاً لك لا تفعله للغير». كل ما كُتِب عن الختان يتجاهل تماماً شعور الطفل. فالطفل يُربط ويُقطع وهو يتصارع للهروب من الهجوم الواقع عليه. حاوِل أن تضع نفسك محل هذا الطفل. وهذا مخالف لتعاليم التوراة التي تفرض دفع تعويض عن الضرر الذي يصيب الغير (الخروج 18:21-27). والطفل هو شخص حسب هذه التعاليم. إن الختان يتجاهل إنسانيّة الطفل وشعوره. وفي هذا الموضوع يجب التساؤل: لمن الغلفة التي تقطع؟ إنها غلفة الطفل. إن بترها يؤدّي إلى خسارة من جانبه. وهذا هو بحد ذاته مخالف للقاعدة التي تُحَرِّم السرقة (الخروج 13:20). من جهة أخرى اليهودي مُلزَم بمساعدة الضعيف. والطفل يتطلّب الحماية من الألم والخسارة. إن التعاطف مع الغير يسهّل في حل هذه المشكلة، ولكن بعض الناس لا يقدرون على ذلك وهم فاقدون كل شعور. ومن جهة أخرى الختان مخالف للتوراة التي تمنع وسم الجسم (الأحبار 28:19).
- إذا قَبل شخص أن الختان أمر إلهي، فإن الشخص كطرف في العلاقة مع الله يحتفظ بحقّه في طرح السؤال على الله كند له، دون سيطرة طرف على الآخر. ولكل طرف الحق في أن يقول «لا» للآخر. وقد تغيّرت القواعد اليهوديّة عبر التاريخ كما هو الأمر بخصوص الزنى (الأحبار 10:20، وتثنية 21:22) والعلاقات الجنسيّة الشاذّة (الأحبار 13:20) والتجذيف (الأحبار 21:12) وسب الأهل (الخروج 17:21) والتمرّد على أمر الأهل (تثنية 18:21-21) التي كان عقابها الموت. وهذه القواعد لم تعد تُنَفَّذ من قِبَل المحافظين على الدين. ومن جهة أخرى، تسمح التوراة فقط للزوج أن يطلّق امرأته (تثنية 1:24) وقد غُيِّرَت هذه القاعدة للسماح للزوجة بإنهاء الزواج. والتوراة لا تُعطي نصيباً في الميراث إلاّ للبنين دون البنات (تثنية 15:21-17). والآن تم تغيير هذه القاعدة للسماح للبنات بالميراث. وهذه التغييرات تسمح لنا أن نطرح مشكلة الختان.
- رغم الضغوطات التي تُمَارس لفرض الختان، فإن هناك عدداً من الأهل اليهود الذين يقولون لا للختان. لقد سمعوا لصوتهم الداخلي، هذا الصوت الذي لا يخالف حتماً صوت الله. وكما يقول الحاخام «لورنس كيشنير»: «إذا كان الصوت حقاً صوت الله فإنه ينطق من الداخل والخارج. وهو نفس الصوت». وإذا تم خلق الإنسان على صورة الله، والله هو روح، فنحن إذاً نشترك بصورة الله الروحيّة. ولا يمكن أن نثق بالله ونفقد الثقة بأنفسنا. وإذا تصرّفنا حسب شعورنا العميق، فإن الله يتصرّف من خلال تصرّفنا.
- بإمكان اليهود الذي يرغبون الإبقاء على المراسيم الدينيّة الإبقاء عليها مع إلغاء عمليّة القطع لتكون أكثر تمشّياً مع إحساس الطفل والطائفة اليهوديّة. وهذه المراسيم تدعى «بريت شلوم» (أي عهد السلام) بدلاً من «بريت ميلا» (أي عهد القطع الذي يطلق على الختان). وهذه المراسيم لها نفس بهجة مراسيم الختان ولكن دون إيلام الطفل. وهذه المراسيم لها فائدة إضافيّة. فالحاخام «جوئيل روت» يقول لنا بأن الطقس الديني لا معنى له إلاّ إذا صاحبه استعداد عقلي إرادي. والختان عامّة يتم بصورة جبريّة مع خصام داخلي خاصّة من قِبَل الأم. وفي المراسيم الدينيّة البديلة التي لا يُقطَع فيها يمكن إضفاء الاستعداد العقلي الإرادي لها فتصبح أكثر قيمة دينيّاً. ويمكن اللجوء إليها للذكر كما للأنثى فيكون هناك مساواة بينهما. فبدلاً من عمل عمليّة جراحيّة على البنات، وهو أمر يرفضه جميع اليهود، يمكن عمل مراسيم دينيّة لهن دون تلك العمليّة الجراحيّة.
يضيف المؤلّف بأن على الذين يريدون رغم ذلك القيام بختان أولادهم أن يتذكّروا ما يلي:
1) إن مصلحة الطفل يجب أن تكون فوق كل اعتبار.
2) إذا كان الأب لا يحس بأي ضرر للختان فلا يعني ذلك أن الختان لا أثر له أو أنه لن يؤثّر على ابنه. فالآثار الجنسيّة والنفسيّة للختان تحدث على المدى البعيد، وقد تم عمل تقرير عنها لدى مئات الرجال على مستوى الولايات المتّحدة.
3) إن عمليّة الختان لا رجوع فيها، أمّا غير المختون فيبقى له إمكانيّة ممارسة الختان في كبره إذا أراد ذلك. وفي حالة الشك عليك أن تختار عدم الختان.
4) هل سوف تختن ابنك لو أن أكثر اليهود لا يختنون أطفالهم؟
5) احضر عمليّة ختان وضع نفسك محل الطفل واشعر بشعوره. ابقى على مقربة منه وعاين العمليّة عن كثب. وإذا أحسست بنفور من ذلك، فما هو سبب نفورك منه؟
ويختم المؤلّف مقاله قائلاً إن طرح موضوع الختان لا يعني تعريض اليهوديّة للخطر. ولكنّه فقط إلغاء لآثار الختان المؤلمة. إن التساؤل الشريف حول الختان سيقوّي اليهوديّة ويعطي وسيلة لتعميق العلاقة بين اليهود .
وفي رسالة، يقول هذا الكاتب اليهودي إن نيّة الأهل قد تكون طيّبة عندما يختنون أطفالهم، ولكن عمليّة الختان بذاتها ليست طيّبة لأنها تؤدّي إلى ألم شديد وتحذف الحماية ومنطقة حساسة جنسيّاً وتؤدّي إلى مضاعفات طبّية. وعلى من يقول إنه ليس من المؤكّد أن يرفض الطفل إذا كبر عمليّة الختان، يُرَد بأن المنطق السليم في هذه الحالة يفرض أن يُترك الأمر للشخص عندما يكبر إذ إن الطفل بصراخه يرفض مثل تلك العمليّة. وعلى من يقول إن الختان عمليّة دينيّة، يُرَد بأن ذلك لا يُحوّل تلك العمليّة إلى عمليّة طيّبة. فختان الإناث أيضاً يجري عند البعض لسبب ديني، كما أن تضحية الأطفال كانت أيضاً عمليّة دينيّة. ويرفض المؤلّف تتفيه الختان بمقارنته بالوشم أو تخديش الجسم. وعلى كل حال، فإن هاتين العمليّتين إذا فرضتا على شخص فإنهما تعتبران خرقا للأخلاق. ويضيف أنه لا يمكن استثناء اليهود من نقد الختان بسبب ما عانوه في الماضي لأن ذلك يعني أن القواعد الأخلاقيّة مزدوجة، وهو ما يخالف عموميّة المبادئ الأخلاقيّة. والختان هو في حد ذاته عمليّة بتر mutilation حسب تعريف هذه الكلمة في مختلف القواميس اللغويّة.
يبيّن هذا المؤلّف تطوّر الفكر الديني عند المؤلّفين اليهود وأثر ذلك على الختان. فبموازاة الفكر التقليدي اليهودي الذي يرى في التوراة كلام الله وفي الختان طاعة لأوامر الله، هناك فكر يهودي يرى ضرورة الإصغاء ليس فقط لكلام الله، بل أيضاً للكلام الذي يأتي من داخل الإنسان. ولا تضارب بين الصوت الخارجي (كلام التوراة) والصوت الداخلي (صوت الضمير). فإذا كان الإنسان على صورة الله، فهناك إذاً وحدة بين طبيعة الله وطبيعة الإنسان. وبطبيعة الحال، هذا الفكر لا يعطي للتوراة المعنى التقليدي، أي كتاب منزل من عند الله. ففي استطلاع للرأي لعام 1990، اعتبر 13% فقط من التيّار المجدّد أن التوراة كلام الله. ويضيف المؤلّف أن الختان قد كاد يفقد معناه عند المؤلّفين اليهود المجدّدين الذين أدخلوا تفاسير جديدة للختان. فهم يرون بأن شعوباً أخرى غير اليهود مارست الختان قَبلهم. وهو تضحية لله حلّت محل تضحية الابن البكر التي نرى أثراً لها في كتاب الخروج حيث نقرأ: «فائض بيدرك ومعصرتك لا تبطئ في تقريبه. وبكر بنيك تعطيني إيّاه. وكذلك تصنع ببقرك وغنمك. سبعة أيّام يكون مع أمّه، وفي اليوم الثامن تعطيني إيّاه» (الخروج 28:22-29). ومنهم من يرى أن الختان هو طريقة كانت تتّبع لتهدئة الآلهة لضمان الخصب كما هو الأمر حاليّاً بين القبائل الإفريقيّة البدائيّة. فيهب الإنسان الله جزءاً من الذكر لضمان حماية الباقي. ومنهم من يعتبر الختان علامة العبيد وبرهان ذلك ما جاء في سفر التكوين: «يُختن المولود في بيتك والمشترى بفضّتك» (13:17). وقد ورثها اليهود عن المصريّين عندما كانوا عبيداً في مصر. فبعد خروجهم من مصر، استمر الآباء بختان أبنائهم حتّى يتم الشبه بينهم وبين أبنائهم. ولكي يستريح الآباء من توبيخ ضمائرهم بسبب ما يفعلوه بأطفالهم، فقد ربطوا الختان بوصيّة دينيّة إلهيّة. أو كما يقول أحدهم: «بما أني لا استطيع تحمّل كل المسؤوليّة بنفسي، لذا فإني بحاجة إلى أمر إلهي». وهكذا القوا التبعيّة على الله .
ويرد المؤلّف على من يحاول تثبيت الختان بإثارة مشاعر الانتماء للشعب اليهودي وتاريخه وذكر من صمد منهم أمام اضطهاد الذين أرادوا منعهم من ختان أولادهم. يقول مؤلّفنا بأن شجاعة السلف للحفاظ على إيمانهم تستحق كل التقدير، إلاّ أن السلف كانوا يجهلون ما نعرفه نحن حول الختان. أضف إلى ذلك أن ليس كل اليهود يشاركوهم إيمانهم ذاك. كما أن الختان لا يمكن اعتباره إشارة انتماء للشعب اليهودي لأن اليهودي حسب الشريعة اليهوديّة هو من يولد من أم يهوديّة وليس من يُختن، والإبقاء على الغلفة لا ينقص من يهوديّة اليهودي. وقد يكون رفض الختان تأكيداً أكبر للانتماء اليهودي من الختان ذاته إذ يتطلّب إثبات الذات.
هناك من يعتبر رفض الختان نوعا من الإلحاد والتحلّل من القيم اليهوديّة. يرد المؤلّف على هذا القول: إذا كانت اليهوديّة مرتبطة بقطع غلفة الطفل، فهذا يعني إهمال المبادئ والأفكار اليهوديّة الأساسيّة. فالشخص المختون الذي يعمل أعمالاً سيّئة لا يمكن اعتباره أعلى درجة من الشخص الأغلف الذي يعيش حياة أخلاقيّة رفيعة. هل يهودي كافر مختون هو أكثر اعتبارا من يهودي أغلف يؤمن بالله؟ فقطع الغلفة لا يضمن أن يكون الشخص مؤمناً أو غير مؤمن .
ويبيّن هذا المؤلّف أنه بالرغم من صلابة موقف الرافضين على المستوى الفكري والعلمي، إلاّ أن هذا الموقف يتطلّب شجاعة خاصّة لمواجهة الضغوط من قِبَل العائلة والطائفة. وهناك يهود يرفضون الختان ولكنّهم لا يستطيعون مواجهة محيطهم، فيتمنّون أن يكون المولود أنثى حتّى لا يجبرون على ختانه. وهذا الخوف يُحوّل حمل بعض الأمّهات إلى جحيم. وهذه الأمّهات تتنفّس الصعداء عندما تولد لها بنت .
وفي مقال عنوانه «الختان مصدر ألم يهودي»، يشرح هذا المؤلّف موقفه الناقد للختان. يقول المؤلّف بأنه صدرت خلال القرون كتابات لليهود تبيّن أهمّية الختان. والتأييد للختان منتشر في الطائفة اليهوديّة فلا جدل مفتوح يوجد داخل هذه الطائفة حول الختان. ولكن هناك نظرة أخرى تم تجاهلها. فخلافاً للاعتقاد السائد، لم يكن الختان معمولاً به دائماً. فموسى لم يختن ابنه (الخروج 25:4). كما أن الختان تم تركه خلال الأربعين سنة التي قضاها الشعب اليهودي في الصحراء (يشوع 5:5). وبعض اليهود تركوا الختان في العصر الهيليني ما بين عام 300 قَبل المسيح وعام 100 بعد المسيح تمشّياً مع المجتمع الذي يعيشون فيه. وفي ألمانيا، خلال مرحلة التجديد في القرن الماضي ترك بعض الأهل ختان أولادهم. وهرتسل نفسه لم يختن ابنه الذي ولد عام 1891. والختان لا يُمارس بصورة عامّة بين اليهود داخل أو خارج الولايات المتّحدة. حتّى في إسرائيل هناك من لا يختن أولاده. فهناك منظمة تكافح ضد الختان.
ثم يعرض المؤلّف الأسباب التي من أجلها ترك هؤلاء اليهود الختان.
- في مسح لعام 1990، تبيّن أن 90% من اليهود يعتبرون انتماءهم لليهوديّة انتماءً عرقياً وثقافياً، وأن فقط 13% يعتقدون أن التوراة هي كلمة الله الحقيقيّة. وينقل المؤلّف قولاً لحاخام يهودي مجدّد بأن اليهود المجدّدين يؤمنون بأنهم يعبدون الله بصورة أفضل إذا ما كانوا صادقين مع عقولهم وضمائرهم حتّى وإن اصطدموا بمواضيع مُهمّة من تراثهم. وهذا القول يتّفق مع رأي الأكثريّة اليهوديّة في أمريكا.
- أكثريّة اليهود يقومون بالختان لأسباب ثقافيّة وليس لأسباب دينيّة لأنه ينقصهم المعنى الديني للختان. فهم يختنون لأنهم يرون فيه رباط مع الشعب اليهودي والثقافة اليهوديّة ووسيلة للإبقاء عليهما، وليس لأسباب دينيّة أو صحّية. وبطبيعة الحال غريزة البقاء مُهمّة أمام الخطر الأكبر الذي يتهدّد اليهود اليوم وهو انخراطهم في مجتمعاتهم (assimilation). فأكثر من نصف اليهود يختارون اليوم زوج أو زوجة غير يهوديين. ولذلك يعتبر الختان وسيلة للحفاظ على هويّتهم. ولكن هذه الفكرة مغلوطة. فاليهودي هو من يولد من أم يهوديّة وليس من هو مختون. وعدم الختان لا يعني تخلّي اليهودي عن هويّته.
- إن الشكوك المتزايدة حول الختان اليهودي تعتمد على كون الختان يؤدّي إلى أذى. إن الدراسات توصّلت إلى ما تشعر به الأم وهو أن الطفل يتألّم. فالطفل ينفعل مع الألم مثل الكبير إن لم يكن أكثر. وهذا مُعترف به من جميع الأوساط الطبّية. والختان هو من أشد العمليّات ألماً بين تلك التي يتعرّض لها الطفل. وإذا لم يصرخ الطفل خلال الختان، فهذا سببه المخدّرات التي أعطيت للأم خلال عمليّة الولادة والتي مرّت في جسمه. وبعض الأطفال يمرّون في مرحلة نصف غيبوبة وصدمة بسبب ألم الختان. ورغم عدم صراخه، فإن مستوى هرمونات الضيق يرتفع في الدم، وهذا أكبر دليل على أن الطفل يتألّم. ممّا يعني أن عدم الصراخ لا يعني بحد ذاته أن الطفل لا يتألّم.
- يترك الختان في ذاكرة الطفل أثراً قد يحد من قدرته على التأقلم بمحيطه على المدى القصير ويخلق توتّراً في علاقته مع أهله. فالختان يفسد العلاقة بين الأم والطفل. وقد أوضحت مجموعة الدراسة الخاصّة بالختان في الأكاديميّة الأمريكيّة لطب الأطفال بأن الطفل بعد الختان يصبح أكثر تهيّجاً ويتغيّر نظام نومه وعلاقته مع أمّه. والأطفال المختونون يصرخون ويتألّمون أكثر من غير المختونين عند تطعيمهم ما بين أربعة وستّة أشهر من عمرهم.
- مهما كان مكان الختان، في المستشفى أو من قِبَل الموهيل في البيت، هناك ما لا يقل عن 20 خطراً يتعرّض لها الطفل أثناء الختان، منها النزيف والالتهاب، وقد يؤدّي الختان إلى الموت في بعض الحالات النادرة. ولهذا السبب تمنع الشريعة اليهوديّة إجراء العمليّة على أطفال مات إخوتهم بسبب الختان.
- الختان يضعف الجنس حسب قول ابن ميمون. وهذا ما تثبته الدراسات الحديثة. فالغلفة تحمي الحشفة من الجفاف والتخشّن وتقليل حساسيّتها. والغلفة بحد ذاتها تحتوي على شرايين مهيّجة جنسيّاً، وإذا ما فُقِدَت فإن التهيّج الجنسي يضعف. وهي تلعب دوراً في تشحيم العضو التناسلي، فإذا ما قُطِعَت يلزم اللجوء إلى مواد دهنيّة اصطناعية. وقد تبيّن من أشخاص تم ختانهم كباراً بأن الختان أضعف حساسيّتهم الجنسيّة. وكثيراً من الذين ختنوا كباراً يتندّمون على ذلك. والمختونون أكثر لجوءً من غير المختونين لوسائل التهيّج غير العاديّة مثل العلاقة الجنسيّة بالفم أو العادة السرّية.
- قد يخلق الختان توتّراً في العلاقة بين اليهودي وطائفته. فموضوع الختان قليلاً ما يطرح، ممّا يسبّب شعور بعدم ارتياح وبالوحدة أمام المشكلة التي تعيشها الأم. وكثيراً من المشاكل الناتجة عن الختان يتم التكتّم عنها. وشعور الطفل الذي يرحّب به في الطائفة لا يؤخذ بالحسبان.
- بعض الأمّهات تتمنّى أن يكون المولود بنتاً حتّى تحل المشكلة من أساسها. وبعض العائلات التي عاشت الختان وأحسّت بألم الطفل مرّت بتجربة أليمة، خاصّة عند الأم. وإذا كانت بعض العائلات لم تشعر بهذا الأمر فهذا ناتج إمّا لأن عدم مساندة المحيط لها في ألمها يجبرها على إخفائه، وإمّا لأن الطفل في حالة إغماء وصدمة تمنعه من الصراخ.
- الختان مخالف للأخلاقيّات اليهوديّة. فالشريعة اليهوديّة ترفض إيلام أي مخلوق حي. كم واحد منّا سيقبل بالختان لو تم عليه كبيراً؟ وبأي حق نمارس الختان على الغير؟ إن هذا مخالف للقاعدة التي تقول: «ما كان بغيضاً لك لا تفعله للغير». كل ما كُتِب عن الختان يتجاهل تماماً شعور الطفل. فالطفل يُربط ويُقطع وهو يتصارع للهروب من الهجوم الواقع عليه. حاوِل أن تضع نفسك محل هذا الطفل. وهذا مخالف لتعاليم التوراة التي تفرض دفع تعويض عن الضرر الذي يصيب الغير (الخروج 18:21-27). والطفل هو شخص حسب هذه التعاليم. إن الختان يتجاهل إنسانيّة الطفل وشعوره. وفي هذا الموضوع يجب التساؤل: لمن الغلفة التي تقطع؟ إنها غلفة الطفل. إن بترها يؤدّي إلى خسارة من جانبه. وهذا هو بحد ذاته مخالف للقاعدة التي تُحَرِّم السرقة (الخروج 13:20). من جهة أخرى اليهودي مُلزَم بمساعدة الضعيف. والطفل يتطلّب الحماية من الألم والخسارة. إن التعاطف مع الغير يسهّل في حل هذه المشكلة، ولكن بعض الناس لا يقدرون على ذلك وهم فاقدون كل شعور. ومن جهة أخرى الختان مخالف للتوراة التي تمنع وسم الجسم (الأحبار 28:19).
- إذا قَبل شخص أن الختان أمر إلهي، فإن الشخص كطرف في العلاقة مع الله يحتفظ بحقّه في طرح السؤال على الله كند له، دون سيطرة طرف على الآخر. ولكل طرف الحق في أن يقول «لا» للآخر. وقد تغيّرت القواعد اليهوديّة عبر التاريخ كما هو الأمر بخصوص الزنى (الأحبار 10:20، وتثنية 21:22) والعلاقات الجنسيّة الشاذّة (الأحبار 13:20) والتجذيف (الأحبار 21:12) وسب الأهل (الخروج 17:21) والتمرّد على أمر الأهل (تثنية 18:21-21) التي كان عقابها الموت. وهذه القواعد لم تعد تُنَفَّذ من قِبَل المحافظين على الدين. ومن جهة أخرى، تسمح التوراة فقط للزوج أن يطلّق امرأته (تثنية 1:24) وقد غُيِّرَت هذه القاعدة للسماح للزوجة بإنهاء الزواج. والتوراة لا تُعطي نصيباً في الميراث إلاّ للبنين دون البنات (تثنية 15:21-17). والآن تم تغيير هذه القاعدة للسماح للبنات بالميراث. وهذه التغييرات تسمح لنا أن نطرح مشكلة الختان.
- رغم الضغوطات التي تُمَارس لفرض الختان، فإن هناك عدداً من الأهل اليهود الذين يقولون لا للختان. لقد سمعوا لصوتهم الداخلي، هذا الصوت الذي لا يخالف حتماً صوت الله. وكما يقول الحاخام «لورنس كيشنير»: «إذا كان الصوت حقاً صوت الله فإنه ينطق من الداخل والخارج. وهو نفس الصوت». وإذا تم خلق الإنسان على صورة الله، والله هو روح، فنحن إذاً نشترك بصورة الله الروحيّة. ولا يمكن أن نثق بالله ونفقد الثقة بأنفسنا. وإذا تصرّفنا حسب شعورنا العميق، فإن الله يتصرّف من خلال تصرّفنا.
- بإمكان اليهود الذي يرغبون الإبقاء على المراسيم الدينيّة الإبقاء عليها مع إلغاء عمليّة القطع لتكون أكثر تمشّياً مع إحساس الطفل والطائفة اليهوديّة. وهذه المراسيم تدعى «بريت شلوم» (أي عهد السلام) بدلاً من «بريت ميلا» (أي عهد القطع الذي يطلق على الختان). وهذه المراسيم لها نفس بهجة مراسيم الختان ولكن دون إيلام الطفل. وهذه المراسيم لها فائدة إضافيّة. فالحاخام «جوئيل روت» يقول لنا بأن الطقس الديني لا معنى له إلاّ إذا صاحبه استعداد عقلي إرادي. والختان عامّة يتم بصورة جبريّة مع خصام داخلي خاصّة من قِبَل الأم. وفي المراسيم الدينيّة البديلة التي لا يُقطَع فيها يمكن إضفاء الاستعداد العقلي الإرادي لها فتصبح أكثر قيمة دينيّاً. ويمكن اللجوء إليها للذكر كما للأنثى فيكون هناك مساواة بينهما. فبدلاً من عمل عمليّة جراحيّة على البنات، وهو أمر يرفضه جميع اليهود، يمكن عمل مراسيم دينيّة لهن دون تلك العمليّة الجراحيّة.
يضيف المؤلّف بأن على الذين يريدون رغم ذلك القيام بختان أولادهم أن يتذكّروا ما يلي:
1) إن مصلحة الطفل يجب أن تكون فوق كل اعتبار.
2) إذا كان الأب لا يحس بأي ضرر للختان فلا يعني ذلك أن الختان لا أثر له أو أنه لن يؤثّر على ابنه. فالآثار الجنسيّة والنفسيّة للختان تحدث على المدى البعيد، وقد تم عمل تقرير عنها لدى مئات الرجال على مستوى الولايات المتّحدة.
3) إن عمليّة الختان لا رجوع فيها، أمّا غير المختون فيبقى له إمكانيّة ممارسة الختان في كبره إذا أراد ذلك. وفي حالة الشك عليك أن تختار عدم الختان.
4) هل سوف تختن ابنك لو أن أكثر اليهود لا يختنون أطفالهم؟
5) احضر عمليّة ختان وضع نفسك محل الطفل واشعر بشعوره. ابقى على مقربة منه وعاين العمليّة عن كثب. وإذا أحسست بنفور من ذلك، فما هو سبب نفورك منه؟
ويختم المؤلّف مقاله قائلاً إن طرح موضوع الختان لا يعني تعريض اليهوديّة للخطر. ولكنّه فقط إلغاء لآثار الختان المؤلمة. إن التساؤل الشريف حول الختان سيقوّي اليهوديّة ويعطي وسيلة لتعميق العلاقة بين اليهود .
وفي رسالة، يقول هذا الكاتب اليهودي إن نيّة الأهل قد تكون طيّبة عندما يختنون أطفالهم، ولكن عمليّة الختان بذاتها ليست طيّبة لأنها تؤدّي إلى ألم شديد وتحذف الحماية ومنطقة حساسة جنسيّاً وتؤدّي إلى مضاعفات طبّية. وعلى من يقول إنه ليس من المؤكّد أن يرفض الطفل إذا كبر عمليّة الختان، يُرَد بأن المنطق السليم في هذه الحالة يفرض أن يُترك الأمر للشخص عندما يكبر إذ إن الطفل بصراخه يرفض مثل تلك العمليّة. وعلى من يقول إن الختان عمليّة دينيّة، يُرَد بأن ذلك لا يُحوّل تلك العمليّة إلى عمليّة طيّبة. فختان الإناث أيضاً يجري عند البعض لسبب ديني، كما أن تضحية الأطفال كانت أيضاً عمليّة دينيّة. ويرفض المؤلّف تتفيه الختان بمقارنته بالوشم أو تخديش الجسم. وعلى كل حال، فإن هاتين العمليّتين إذا فرضتا على شخص فإنهما تعتبران خرقا للأخلاق. ويضيف أنه لا يمكن استثناء اليهود من نقد الختان بسبب ما عانوه في الماضي لأن ذلك يعني أن القواعد الأخلاقيّة مزدوجة، وهو ما يخالف عموميّة المبادئ الأخلاقيّة. والختان هو في حد ذاته عمليّة بتر mutilation حسب تعريف هذه الكلمة في مختلف القواميس اللغويّة.
التسميات
ختان