بالإضافة إلى عدد من اليهود غير المختونين القادمين من الاتحاد السوفييتي، هناك في إسرائيل عشرات من أهالي الأطفال اليهود الذين يرفضون ختانهم.
فهم يعتقدون بأنه ليس من الضروري بتر غلفة الطفل حتّى يصبح يهوديّاً إذ إن اليهودي هو كل من يولد من أم يهوديّة.
وقد أسّس بعض نشطاء حقوق الإنسان في إسرائيل جمعية تدعى «جمعية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم».
هذه الجمعية تعتبر الختان عمليّة بدائيّة وهمجيّة.
وقد رد عليهم طبيب ولادة إسرائيلي في مستشفى «شآري تصيديق» في القدس بأن الختان يحمي من الأمراض ومفيد للنظافة.
وتجيب الجمعية بأن عدد الأطفال الذين يموتون بسبب الختان أكبر من عدد الأطفال الذين قد ينجون من الموت بسبب الأمراض التي قد يحمي منها الختان.
والختان ليس ضروريّاً للمحافظة على النظافة، فيكفي غسل الجسم للوصول إلى هذه الغاية.
وتضيف بأن موسى ابن ميمون يرى في الختان وسيلة لإضعاف اللذّة الجنسيّة.
كما أن الختان عمليّة مؤلمة للأطفال تجرى عليهم دون موافقتهم وتسبّب لهم اضطرابات عقليّة. والذين يقومون بالختان يحتفلون ويفرحون من حول الطفل المختون دون أن يعيروا أي اهتمام لألمه.
ومعارضة الختان في إسرائيل ليس بالأمر البسيط إذ إن غير المختون لا يُدفن في المقابر اليهوديّة.
والأهالي الذين يرفضون ختان أطفالهم يلقون عنتاً كبيراً من قِبَل أقاربهم وأصدقائهم الذين يقطعون العلاقات معهم.
وهؤلاء الأهالي يلتقون مرّة كل أسبوعين لدراسة كيفيّة تكثيف كفاحهم ضد الختان.
هذا وقد انضم لهذه الحملة المغني والناقد الأدبي الإسرائيلي «مناحيم بن» الذي يقول بأنه ختن ابنه على طريقته وذلك من خلال ختان القلب كما جاء في التوراة.
وقد تصدّى لهذه الحملة رئيس الحاخامات الإسرائيلي «الياهو باكشي دورون» الذي قال بأنه كان يعلم أن هذا سوف يحدث في آخر الأمر. فقد استولى بغض الذات على الشعب.
وفكرة أن كل ما هو يهودي هو شيء بغيض امتد حتّى إلى الختان علامة العهد.
ويضيف أن ضرر الطفل الذي يدَّعيه معارضو الختان لا يسمح بالشك في عادة قديمة.
ويتساءل: «من هو الذي يقرّر بأن أمراً ما بدائي وقديم ومؤلم؟ فالحمد لله أن الشعب اليهودي قد عاش على هذه الوتيرة منذ أجيال. وحتّى أن كان صحيحاً أن الختان ينقص اللذّة الجنسيّة، فهذا ليس مصيبة كبرى».
وقد كتب لي أمين عام هذه الجمعية رسالة بتاريخ 31 ديسمبر 1997 يقول فيها إن جمعيّته «تأخذ موقفاً مشمئزاً من عادة الختان البغيضة التي تُفرض فرضاً في إسرائيل، وإنها تقوم بحملة عامّة نشيطة لإقناع الناس بالتخلّي عنها.
وهذا الموقف نابع ليس فقط من الشعور الأخلاقي لكل صاحب ضمير مثقّف، بل أيضاً من اكتشافي بأن ناموس الختان الذي سنّه الله قد تم إلغاؤه تماماً [...] وبما أن المسيحيّين والمسلمين يعتمدون على التوراة في ممارسة الختان، فإن هذا الاكتشاف قد يساعد في نجاح إلغاء الختان بصورة كبيرة».
هذا وقد أرفق برسالته نداء باللغة الإنكليزيّة يشرح فيه هذا الاكتشاف نترجمه هنا:
نداء للرجل اليهودي والمرأة اليهوديّة
حول الختان وتدهور ثقافة إسرائيل والجنس البشري
أيها الرجل اليهودي
إذا كنت غير مختون، فلا توافق على إجراء الختان عليك. وإذا قَبلت أن تختن، فلن يكون بإمكانك أن تكون «إسرائيلي» [أي منتمياً إلى اليهوديّة]، لأن الإسرائيليين الحقيقيين لهم جسد سليم وكامل، دون أي بتر ديني، ممّا يعني بأنهم على صورة الله.
وهذا لأن الله قد ألغى الختان. وبرهان ذلك يأتي من كلمة «إسرائيل» ذاتها والتي تعني الشخص الذي يتصارع مع الله ويتغلّب عليه.
وهذا الرمز يعني أن للإنسان القدرة على أن يكون حراً ومستقلاً تماماً وأن يسيطر على القضاء والقدر.
وهذه القدرة تتمثّل أيضاً في إلغاء هذا الطقس الديني التعيس الذي يتمثّل في الختان.
أيها الرجل اليهودي وأيتها المرأة اليهوديّة
إن قصّة إلغاء الختان يحكيها لنا نص طويل في التوراة وقد تم ذِكر هذا الإلغاء بوضوح في الآية التالية «ولذلك لا يأكل (ياخلو) بنو إسرائيل عِرق النّسا الذي في حُق الورك إلى هذا اليوم» (التكوين 33:32).
إن إلغاء الختان يُفهم اليوم على خلاف للقصد الأصلي. فإن حركات أحرف كلمة «ياخلو» في العبريّة الأصليّة (والتي تحتمل عدّة معاني منها «يمزّقون» أو «يهلكون» أو «يأكلون») قد نُسِيَت، فضاع معنى عبارة «عِرق النَّسا» الأصلي بسبب جهل تاريخ الشعب اليهودي وصعوبة فهمه.
ولكن الآن عليك أيها الرجل اليهودي وعليكِ أيتها المرأة اليهوديّة أن تتنبّها بذاتكما وسوف تجدان الحقيقة من خلال تقدّم علم النقد النصّي.
وتلك الحقيقة هي أن الحركات الصحيحة للكلمة المذكورة هي «يَاخلو» بمعنى «يُمزِّقون» و«يُهلِكون» وليس «يُوخلو» بمعنى «يأكلون».
كما أنكما ستجدان أن عبارة «عِرق النّسا» هي تعبير بياني منمّق عن العضو التناسلي الذكوري كما توضّحه المصادر الرابينيّة والطقسيّة.
إن الختان الذي يُفرَض قسراً هو أمر مقيت أخلاقيّاً وثقافياً، خاصّة عندما يتم على طفل صغير ينقصه الفهم والقدرة لكي يوافق بصورة حرّة وواعية.
إن فرض الختان هو عار على من يقومون به كما أنه مخالفة لناموس التوراة ولإرادة إله إسرائيل، الذي هو إله كل الجسد، واله كل الأرض، إله المحبّة والرحمة والحرّية، إله كرامة الإنسان.
وبسبب عادة الختان الرذيلة، فإن شعب إسرائيل غير قادر على إتمام رسالته لكي يكون نوراً للأمم وخلاصاً لأقاصي الأرض. وبسبب هذه العادة، ليس في إمكان القدس أن تفي بقدرها وبرسالتها حتّى تصبح عاصمة العالم الموحّد.
«لا يمزّقون» (التكوين 33:32) [بالإنكليزيّة والعبريّة]
جمعية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم
نرسل معلومات مفصّلة لجميع أنحاء العالم بمجرّد الطلب
Tel./Fax 972-3-5375633; P.O.Box 32320; Jerusalem 31322
ونشير هنا إلى أن الآية محل النزاع جاءت ضمن قصّة صراع يعقوب مع الله كما يرويها الفصل 23 من سفر التكوين. ونحن ننقل هنا هذه القصّة:
«وقام [يعقوب] في تلك الليلة فأخذ امرأتيه وخادمتيه وبنيه الأحد عشر فعبر مخاضة يبّوق. أخذهم وعبّرهم الوادي وعبّر ما كان له. وبقي يعقوب وحده. فصارعه رجل إلى طلوع الفجر. ورأى أنه لا يقدر عليه. فلمس حُقّ وركه، فانخلع حُقّ ورك يعقوب في مصارعته له. وقال: «اصرفني، لأنه قد طلع الفجر». فقال يعقوب: «لا أصرفك أو تباركني». فقال له: «وما اسمك؟». قال: «يعقوب». قال: «لا يكون اسمك يعقوب فيما بعد، بل إسرائيل، لأنك صارعت الله والناس فغلبت». وسأله يعقوب قال: «عرّفني اسمك؟». فقال: «لِمَ سؤالك عن إسمي؟». وباركه هناك. وسمّى يعقوب المكان فنوئيل قائلاً: «إني رأيت الله وجهاً إلى وجه، ونجت نفسي». وأشرقت له الشمس عند عبوره فنوئيل، وهو يعرج من وركه. ولذلك لا يأكل بنو إسرائيل عِرق النّسا الذي في حُق الورك إلى هذا اليوم، لأنه لمس حُقّ ورك يعقوب على عرق النَّسا» (التكوين 23:32-33).
ونجد ذكر لقصّة صراع يعقوب في سفر هوشع 3:12-5: «للرب دعوى على يهوذا وعقاب على يعقوب بحسب طرقه. فعلى حسب أعماله يُرد عليه. من البطن أخذ مكان أخيه، وفي رجولته صارع الله. صارع ملاكاً وغلبه».
وكلمة إسرائيل فسّرت بأنها تعني «صارع الله» على أساس هذين النصّين.
وقد نشر أمين عام «جمعية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم» المذكورة مقالاً عنونه «إلغاء الختان في إسرائيل» . وقد شرح فيه مشكلة الآية: «ولذلك لا يأكل بنو إسرائيل عِرق النّسا الذي في حُق الورك إلى هذا اليوم» (التكوين 33:32).
يتساءل مؤلّف المقال ما علاقة صراع يعقوب مع الله ومنع أكل عِرق النَّسا؟
لقد صارع يعقوب الله وغلبه، فكيف يمكن للغالب أن يخضع لنهي بأكل قطعة لحم، خاصّة أن القوانين بخصوص موانع الطعام لم تكن قد نزلت بعد؟ وقد طلب يعقوب من مصارعه بركة، فهل يكون عدم «أكل» عِرق النَّسا هو البركة؟ وهنا تطرح مشكلة فهم النص التوراتي.
فالكلمات العبريّة، كالعربيّة، تحتمل عدّة قراءات إذا لم تكتب الحركات على أحرفها. فالكلمة ذاتها يمكن قراءتها بمعان مختلفة.
وهذا ما حصل مع كلمة «أكل». وعرق النَّسا هو في جسم يعقوب، فلماذا لا يأكل الإنسان عرق النسا للحيوان؟ هل عرق النّسا له معنى آخر؟
ولحل مشكلة فهم النص العبري، يقترح مؤلّف المقال قراءة كلمة «أكل» بأن لا علاقة لها بالطعام، بل تعني «يمزّق»، وكلمة «عرق النّسا» تعني قضيب الإنسان.
وهنا توضح الصورة فيكون معنى النص: «ولذلك لا يمزّق بنو إسرائيل القضيب الذي في حُق الورك إلى هذا اليوم».
وهو إشارة إلى ترك الختان الذي كان الله قد فرضه على إبراهيم ونسله. أي أن يعقوب بانتصاره على الله طلب منه بركة أن تُلغى عمليّة الختان، ثمناً لانتصاره.
وقد يرى البعض أن هذا ليس إلاّ تلاعب بالكلمات. فلا يمكن قبول تفسير جديد وإلغاء أمر الختان من خلال فهم جملة من التوراة. ويرد المؤلّف بأن هذا التفسير تؤكّده النصوص اللاحقة في التوراة. فإن اليهود لم يمارسوا الختان نتيجة لهذا الإلغاء.
فسفر الخروج (25:4) يبيّن لنا أن موسى لم يختن ابنه.
كما أن سفر يشوع يبيّن لنا أن اليهود الذين ولدوا في سينا لم يختنوا (5:5). ودون إلغاء الختان، لا يمكن فهم سبب ترك موسى ختان ابنه وترك اليهود الختان في سينا.
وهناك في التلمود نص يبيّن أن اليهود تم ختانهم ليلة خروجهم من مصر. ممّا يعني أن اليهود عاشوا مدّة 400 سنة في مصر دون ختان. وهناك قصّة في التوراة تقول إن ابنة فرعون وجدت موسى في سلّة بين القصب على حافّة النهر فعرفت أن «هذا من أولاد العبريين» (خروج 6:2).
وتعرّفها على أصله هو لأنه لم يكن مختوناً بخلاف المصريّين الذين كانوا يختنون أولادهم.
ولكن إذا أُلغيت فريضة الختان، فلماذا إذاً تم ختان اليهود ليلة خروجهم من مصر وقَبل دخولهم أرض الميعاد؟ يجيب المؤلّف أن السبب في ذلك هو أن اليهود كانوا مزمعين أن يسيلوا دم شعوب أخرى بالحرب.
والتوراة تقول: «من سفك دم الإنسان سفك دمه من يد الإنسان» (التكوين 6:9). فحتّى يشعر اليهود بألم الغير، تم إخضاعهم للألم أنفسهم فلا يتصرّفوا بصورة وحشيّة مع غيرهم.
والختان في هاتين الحالتين تم لوضع خاص وليس رجوعاً إلى فريضة الختان.
فقد أمر الله يشوع قائلاً: «عد إلى ختن بني إسرائيل مرّة أخرى» (يشوع 2:5). ولم يقل له كما قال لإبراهيم: «ابن ثمانية أيّام يختن كل ذكر منكم من جيل إلى جيل» (التكوين 12:17).
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا إذاً استمر اليهود في الختان رغم إلغائه في زمن يعقوب؟
ويجيب المؤلّف على ذلك بأنه بعد موت يشوع «نشأ من بعده جيل آخر لا يعرف الرب ولا ما صنع إلى إسرائيل.
فصنع بنو إسرائيل الشر في عيني الرب وعبدوا البعل وتركوا الرب، إله آبائهم» (القضاة 10:2-12).
وقد تم في عصر الملك يوشيا العثور على سفر الشريعة في بيت الرب.
فعرف أن الشعب قد ترك أوامر الله (2 أخبار 14:32-21) إذ رجع إلى عادة الختان الوحشيّة: «فسد الذين ولدهم بلا عيب، جيل شرّير مُعوج» (تثنية 5:32). فأعطى الملك أمراً بالمحافظة على ما جاء في سفر الشريعة من جديد «ليعملوا بكلام العهد المكتوب في هذا السفر، وألزم به جميع الذين كانوا في أورشليم وبنيامين، ففعل سكّان أورشليم بحسب عهد الله، إله آبائهم. وأزال يوشيا كل القبائح من جميع بلاد بني إسرائيل» (2 أخبار 31:34-33).
وحتّى يثني الشعب من ممارسة الختان أقام عيد الفصح من جديد (2 أخبار 53:1).
وهكذا تم إلغاء الختان. وعندما نُفي اليهود إلى بابل، نسوا مجدّداً عهد الله فعادوا إلى الختان بسبب عادات الشعوب المحيطة بهم.
وبعد رجوعهم من المنفى نسوا نص التوراة كما نسوا اللغة العبريّة وخصائصها التي تكلّمنا عنها.
وهكذا استمر اليهود في ممارسة عادة الختان البذيئة حتّى يومنا هذا.
ينتهي هنا مقال أمين عام «جمعية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم».
وهو يعتمد على تأويل جديد لنصوص التوراة كوسيلة لإقناع قومه الذي يتمسّك بصورة شديدة بحرف التوراة.
وقد يشكّك بعض اليهود والأصوليّين المسيحيّين في هذا التفسير ولكن لا ندري مدى تأثيره على الأكثريّة اليهوديّة الساحقة التي تمارس الختان في إسرائيل وخارجها.
وفي كلامي معه أخبرته بأن هذه النظرة تتطلّب أوّلاً الإيمان بقصّة أمر الله لإبراهيم بالختان.
وهذه القصّة الغريبة التي يستهجنها العقل لا تقل غرابة عن قصّة مصارعة الله ليعقوب وتغلّب هذا الأخير عليه.
فلماذا إذاً لا نسدل الستار على كل هذه الخرافات من بدايتها ونرفض الانصياع لها؟
وقد حاولت في يناير 1998 جمعية يهوديّة أخرى معارضة للختان في إسرائيل اسمها «الجمعية المعارضة لبتر الأعضاء الجنسيّة للأطفال» الحصول على قرار من المحكمة الإسرائيليّة العليا يجعل من ختان الذكور مخالفاً للقانون الخاص بكرامة الإنسان وحرّيته، ويفرض إجراءه في المستشفيات مثله مثل العمليّات الجراحيّة الأخرى بعد الحصول على موافقة خطّية من الأهل.
وتطلب الجمعية من المحكمة أن تفرض مناقشة هذا الأمر على وزارتي الصحّة والشؤون الدينيّة، والمدّعي العام والهيئة الخاصّة بمراقبة الموهيلين .
وقد قَبلت المحكمة دعوى الجمعية، ممّا أزعج المدّعي العام الذي اعتبر بأنه من غير المعقول أن تكون إسرائيل هي الدولة والوحيدة في العالم التي تمنع ختان الذكور.
غير أن المحكمة عادت ورفضت القضيّة في مايو 1999 دون تقديم أسباب لذلك الرفض، مكتفية برد الحكومة.
وقد أوضح مقال صادر في إحدى الصحف الإسرائيليّة المشاكل التي يلاقيها رافضو الختان في إسرائيل.
فهذه أم يهوديّة رفضت أن يختن ابنها. فهدّدها أبوها بحرمانها من الميراث وقد قطع والدا الأم كل علاقة لهما مع ابنتهما.
وصديق للعائلة شبّه الزوجين بهتلر واتهمهما بمحاولة هدم اليهوديّة. ويذكر المقال إن هذين الزوجين لهما صلة مع قرابة 30 عائلة يهوديّة في إسرائيل ترفض ختان أطفالها.
ورغم أنها تعتبر نفسها علمانيّة، فهي ليست ضد مراسيم الختان إن توقّفت هذه المراسيم عند حد الكلام ولم تتعدّاه إلى قطع قضيب الطفل.
وهذه العائلات تحاول التضامن مع عائلات أخرى وتعطي لها النصائح في مواجهة ضغط الأهل.
وقد ذكرت عائلة أخرى أن جد الطفل رفض مس الطفل أو النظر إليه وقد قطع كل علاقة مع العائلة.
وقد أوضحت أم الطفل بأن في إسرائيل أطفال ينتمون إلى أجناس مختلفة ولا سبب لجعل شكل ذكرهم علامة الوحدة بينهم.
ويذكر أب الطفل أن رفضه للختان بدأ بعد معاينته يهوديّاً يصرخ فعندها عادت به الذكريات إلى ختانه.
ممّا يعني له أن الختان يترك في أعماق الشخص أثراً مؤلماً، وقد دعّمت رفضه للختان معاينته صورة له وهو يصرخ من الألم في عمليّة ختانه بينما الكل من حوله لا يعير صراخه أي اهتمام. ثم أحس بالاشمئزاز كل مرّة حضر فيها ختان طفل.
وأمّا الأم، فهي ترى في الختان مخالفة لكمال خلق الطبيعة وكسراً لعلاقة الثقة بين الطفل والأم التي ترفض حمايته من الألم. وهي تستشهد بقول أمّهات لاحظت اختلافا في علاقتهن مع أطفالهن بعد الختان.
ومن الواضح أن آراء هذا التيّار متأثّر بآراء الجمعيّات الأمريكيّة المعادية للختان التي تبث دعايتها من خلال شبكة الأنترنيت والتي هي باتصال مع هذا التيّار الإسرائيلي وتدعمه.
ويشير المقال إلى أن موضوع الختان في إسرائيل يدخل ضمن المحرَّمات خوفاً من رجال الدين اليهود.
فالأطبّاء يتفادون التكلّم في هذا الموضوع. وعندما حاول طبيب في مستشفى مدينة «العفوّلة» القيام ببحث لمعرفة آثار الختان على اللذّة الجنسيّة رفض أحد المستشفيات إعطاء قائمة بأسماء الأشخاص الذين تم ختانهم كباراً رغم أن مثل تلك القائمة تُقدّم بصورة روتينيّة لغيرها من العمليّات للقيام بالبحوث.
وأضاف أحد أعضاء الجمعية المذكورة أنه لم يتمكّن من الحصول على أيّة مساعدة من جمعيّات حماية حقوق الإنسان في إسرائيل أو من جمعيّات اليهود المجدّدين.
ويوضّح المقال أن عدم الختان يخلق مشكلة لغير المختونين في إسرائيل.
فاليهود الذين لم يختنوا أطفالهم خلال الحرب العالميّة الثانية ختنوهم عندما جاؤوا إلى إسرائيل. وكذلك الأمر بالنسبة لليهود السوفييت.
وقد ذكر أحد الشباب بأنه يخفي عدم ختانه معتبراً ذلك سرّاً.
والختان يتم في إسرائيل لعدّة أسباب: هناك الضغوط الاجتماعية، وهناك الرأي القائل بأنه إذا كان مفيداً للولايات المتّحدة فهو مفيد لنا.
وهناك أيضاً عدم وجود قانون يفرض الختان يتمرّد الإنسان ضدّه.
فلو كان هناك قانون يفرض الختان في إسرائيل، فإن عدداً كبيراً من اليهود العلمانيين سوف يتمرّد عليه ويرفض الختان.
فهم يعتقدون بأنه ليس من الضروري بتر غلفة الطفل حتّى يصبح يهوديّاً إذ إن اليهودي هو كل من يولد من أم يهوديّة.
وقد أسّس بعض نشطاء حقوق الإنسان في إسرائيل جمعية تدعى «جمعية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم».
هذه الجمعية تعتبر الختان عمليّة بدائيّة وهمجيّة.
وقد رد عليهم طبيب ولادة إسرائيلي في مستشفى «شآري تصيديق» في القدس بأن الختان يحمي من الأمراض ومفيد للنظافة.
وتجيب الجمعية بأن عدد الأطفال الذين يموتون بسبب الختان أكبر من عدد الأطفال الذين قد ينجون من الموت بسبب الأمراض التي قد يحمي منها الختان.
والختان ليس ضروريّاً للمحافظة على النظافة، فيكفي غسل الجسم للوصول إلى هذه الغاية.
وتضيف بأن موسى ابن ميمون يرى في الختان وسيلة لإضعاف اللذّة الجنسيّة.
كما أن الختان عمليّة مؤلمة للأطفال تجرى عليهم دون موافقتهم وتسبّب لهم اضطرابات عقليّة. والذين يقومون بالختان يحتفلون ويفرحون من حول الطفل المختون دون أن يعيروا أي اهتمام لألمه.
ومعارضة الختان في إسرائيل ليس بالأمر البسيط إذ إن غير المختون لا يُدفن في المقابر اليهوديّة.
والأهالي الذين يرفضون ختان أطفالهم يلقون عنتاً كبيراً من قِبَل أقاربهم وأصدقائهم الذين يقطعون العلاقات معهم.
وهؤلاء الأهالي يلتقون مرّة كل أسبوعين لدراسة كيفيّة تكثيف كفاحهم ضد الختان.
هذا وقد انضم لهذه الحملة المغني والناقد الأدبي الإسرائيلي «مناحيم بن» الذي يقول بأنه ختن ابنه على طريقته وذلك من خلال ختان القلب كما جاء في التوراة.
وقد تصدّى لهذه الحملة رئيس الحاخامات الإسرائيلي «الياهو باكشي دورون» الذي قال بأنه كان يعلم أن هذا سوف يحدث في آخر الأمر. فقد استولى بغض الذات على الشعب.
وفكرة أن كل ما هو يهودي هو شيء بغيض امتد حتّى إلى الختان علامة العهد.
ويضيف أن ضرر الطفل الذي يدَّعيه معارضو الختان لا يسمح بالشك في عادة قديمة.
ويتساءل: «من هو الذي يقرّر بأن أمراً ما بدائي وقديم ومؤلم؟ فالحمد لله أن الشعب اليهودي قد عاش على هذه الوتيرة منذ أجيال. وحتّى أن كان صحيحاً أن الختان ينقص اللذّة الجنسيّة، فهذا ليس مصيبة كبرى».
وقد كتب لي أمين عام هذه الجمعية رسالة بتاريخ 31 ديسمبر 1997 يقول فيها إن جمعيّته «تأخذ موقفاً مشمئزاً من عادة الختان البغيضة التي تُفرض فرضاً في إسرائيل، وإنها تقوم بحملة عامّة نشيطة لإقناع الناس بالتخلّي عنها.
وهذا الموقف نابع ليس فقط من الشعور الأخلاقي لكل صاحب ضمير مثقّف، بل أيضاً من اكتشافي بأن ناموس الختان الذي سنّه الله قد تم إلغاؤه تماماً [...] وبما أن المسيحيّين والمسلمين يعتمدون على التوراة في ممارسة الختان، فإن هذا الاكتشاف قد يساعد في نجاح إلغاء الختان بصورة كبيرة».
هذا وقد أرفق برسالته نداء باللغة الإنكليزيّة يشرح فيه هذا الاكتشاف نترجمه هنا:
نداء للرجل اليهودي والمرأة اليهوديّة
حول الختان وتدهور ثقافة إسرائيل والجنس البشري
أيها الرجل اليهودي
إذا كنت غير مختون، فلا توافق على إجراء الختان عليك. وإذا قَبلت أن تختن، فلن يكون بإمكانك أن تكون «إسرائيلي» [أي منتمياً إلى اليهوديّة]، لأن الإسرائيليين الحقيقيين لهم جسد سليم وكامل، دون أي بتر ديني، ممّا يعني بأنهم على صورة الله.
وهذا لأن الله قد ألغى الختان. وبرهان ذلك يأتي من كلمة «إسرائيل» ذاتها والتي تعني الشخص الذي يتصارع مع الله ويتغلّب عليه.
وهذا الرمز يعني أن للإنسان القدرة على أن يكون حراً ومستقلاً تماماً وأن يسيطر على القضاء والقدر.
وهذه القدرة تتمثّل أيضاً في إلغاء هذا الطقس الديني التعيس الذي يتمثّل في الختان.
أيها الرجل اليهودي وأيتها المرأة اليهوديّة
إن قصّة إلغاء الختان يحكيها لنا نص طويل في التوراة وقد تم ذِكر هذا الإلغاء بوضوح في الآية التالية «ولذلك لا يأكل (ياخلو) بنو إسرائيل عِرق النّسا الذي في حُق الورك إلى هذا اليوم» (التكوين 33:32).
إن إلغاء الختان يُفهم اليوم على خلاف للقصد الأصلي. فإن حركات أحرف كلمة «ياخلو» في العبريّة الأصليّة (والتي تحتمل عدّة معاني منها «يمزّقون» أو «يهلكون» أو «يأكلون») قد نُسِيَت، فضاع معنى عبارة «عِرق النَّسا» الأصلي بسبب جهل تاريخ الشعب اليهودي وصعوبة فهمه.
ولكن الآن عليك أيها الرجل اليهودي وعليكِ أيتها المرأة اليهوديّة أن تتنبّها بذاتكما وسوف تجدان الحقيقة من خلال تقدّم علم النقد النصّي.
وتلك الحقيقة هي أن الحركات الصحيحة للكلمة المذكورة هي «يَاخلو» بمعنى «يُمزِّقون» و«يُهلِكون» وليس «يُوخلو» بمعنى «يأكلون».
كما أنكما ستجدان أن عبارة «عِرق النّسا» هي تعبير بياني منمّق عن العضو التناسلي الذكوري كما توضّحه المصادر الرابينيّة والطقسيّة.
إن الختان الذي يُفرَض قسراً هو أمر مقيت أخلاقيّاً وثقافياً، خاصّة عندما يتم على طفل صغير ينقصه الفهم والقدرة لكي يوافق بصورة حرّة وواعية.
إن فرض الختان هو عار على من يقومون به كما أنه مخالفة لناموس التوراة ولإرادة إله إسرائيل، الذي هو إله كل الجسد، واله كل الأرض، إله المحبّة والرحمة والحرّية، إله كرامة الإنسان.
وبسبب عادة الختان الرذيلة، فإن شعب إسرائيل غير قادر على إتمام رسالته لكي يكون نوراً للأمم وخلاصاً لأقاصي الأرض. وبسبب هذه العادة، ليس في إمكان القدس أن تفي بقدرها وبرسالتها حتّى تصبح عاصمة العالم الموحّد.
«لا يمزّقون» (التكوين 33:32) [بالإنكليزيّة والعبريّة]
جمعية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم
نرسل معلومات مفصّلة لجميع أنحاء العالم بمجرّد الطلب
Tel./Fax 972-3-5375633; P.O.Box 32320; Jerusalem 31322
ونشير هنا إلى أن الآية محل النزاع جاءت ضمن قصّة صراع يعقوب مع الله كما يرويها الفصل 23 من سفر التكوين. ونحن ننقل هنا هذه القصّة:
«وقام [يعقوب] في تلك الليلة فأخذ امرأتيه وخادمتيه وبنيه الأحد عشر فعبر مخاضة يبّوق. أخذهم وعبّرهم الوادي وعبّر ما كان له. وبقي يعقوب وحده. فصارعه رجل إلى طلوع الفجر. ورأى أنه لا يقدر عليه. فلمس حُقّ وركه، فانخلع حُقّ ورك يعقوب في مصارعته له. وقال: «اصرفني، لأنه قد طلع الفجر». فقال يعقوب: «لا أصرفك أو تباركني». فقال له: «وما اسمك؟». قال: «يعقوب». قال: «لا يكون اسمك يعقوب فيما بعد، بل إسرائيل، لأنك صارعت الله والناس فغلبت». وسأله يعقوب قال: «عرّفني اسمك؟». فقال: «لِمَ سؤالك عن إسمي؟». وباركه هناك. وسمّى يعقوب المكان فنوئيل قائلاً: «إني رأيت الله وجهاً إلى وجه، ونجت نفسي». وأشرقت له الشمس عند عبوره فنوئيل، وهو يعرج من وركه. ولذلك لا يأكل بنو إسرائيل عِرق النّسا الذي في حُق الورك إلى هذا اليوم، لأنه لمس حُقّ ورك يعقوب على عرق النَّسا» (التكوين 23:32-33).
ونجد ذكر لقصّة صراع يعقوب في سفر هوشع 3:12-5: «للرب دعوى على يهوذا وعقاب على يعقوب بحسب طرقه. فعلى حسب أعماله يُرد عليه. من البطن أخذ مكان أخيه، وفي رجولته صارع الله. صارع ملاكاً وغلبه».
وكلمة إسرائيل فسّرت بأنها تعني «صارع الله» على أساس هذين النصّين.
وقد نشر أمين عام «جمعية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم» المذكورة مقالاً عنونه «إلغاء الختان في إسرائيل» . وقد شرح فيه مشكلة الآية: «ولذلك لا يأكل بنو إسرائيل عِرق النّسا الذي في حُق الورك إلى هذا اليوم» (التكوين 33:32).
يتساءل مؤلّف المقال ما علاقة صراع يعقوب مع الله ومنع أكل عِرق النَّسا؟
لقد صارع يعقوب الله وغلبه، فكيف يمكن للغالب أن يخضع لنهي بأكل قطعة لحم، خاصّة أن القوانين بخصوص موانع الطعام لم تكن قد نزلت بعد؟ وقد طلب يعقوب من مصارعه بركة، فهل يكون عدم «أكل» عِرق النَّسا هو البركة؟ وهنا تطرح مشكلة فهم النص التوراتي.
فالكلمات العبريّة، كالعربيّة، تحتمل عدّة قراءات إذا لم تكتب الحركات على أحرفها. فالكلمة ذاتها يمكن قراءتها بمعان مختلفة.
وهذا ما حصل مع كلمة «أكل». وعرق النَّسا هو في جسم يعقوب، فلماذا لا يأكل الإنسان عرق النسا للحيوان؟ هل عرق النّسا له معنى آخر؟
ولحل مشكلة فهم النص العبري، يقترح مؤلّف المقال قراءة كلمة «أكل» بأن لا علاقة لها بالطعام، بل تعني «يمزّق»، وكلمة «عرق النّسا» تعني قضيب الإنسان.
وهنا توضح الصورة فيكون معنى النص: «ولذلك لا يمزّق بنو إسرائيل القضيب الذي في حُق الورك إلى هذا اليوم».
وهو إشارة إلى ترك الختان الذي كان الله قد فرضه على إبراهيم ونسله. أي أن يعقوب بانتصاره على الله طلب منه بركة أن تُلغى عمليّة الختان، ثمناً لانتصاره.
وقد يرى البعض أن هذا ليس إلاّ تلاعب بالكلمات. فلا يمكن قبول تفسير جديد وإلغاء أمر الختان من خلال فهم جملة من التوراة. ويرد المؤلّف بأن هذا التفسير تؤكّده النصوص اللاحقة في التوراة. فإن اليهود لم يمارسوا الختان نتيجة لهذا الإلغاء.
فسفر الخروج (25:4) يبيّن لنا أن موسى لم يختن ابنه.
كما أن سفر يشوع يبيّن لنا أن اليهود الذين ولدوا في سينا لم يختنوا (5:5). ودون إلغاء الختان، لا يمكن فهم سبب ترك موسى ختان ابنه وترك اليهود الختان في سينا.
وهناك في التلمود نص يبيّن أن اليهود تم ختانهم ليلة خروجهم من مصر. ممّا يعني أن اليهود عاشوا مدّة 400 سنة في مصر دون ختان. وهناك قصّة في التوراة تقول إن ابنة فرعون وجدت موسى في سلّة بين القصب على حافّة النهر فعرفت أن «هذا من أولاد العبريين» (خروج 6:2).
وتعرّفها على أصله هو لأنه لم يكن مختوناً بخلاف المصريّين الذين كانوا يختنون أولادهم.
ولكن إذا أُلغيت فريضة الختان، فلماذا إذاً تم ختان اليهود ليلة خروجهم من مصر وقَبل دخولهم أرض الميعاد؟ يجيب المؤلّف أن السبب في ذلك هو أن اليهود كانوا مزمعين أن يسيلوا دم شعوب أخرى بالحرب.
والتوراة تقول: «من سفك دم الإنسان سفك دمه من يد الإنسان» (التكوين 6:9). فحتّى يشعر اليهود بألم الغير، تم إخضاعهم للألم أنفسهم فلا يتصرّفوا بصورة وحشيّة مع غيرهم.
والختان في هاتين الحالتين تم لوضع خاص وليس رجوعاً إلى فريضة الختان.
فقد أمر الله يشوع قائلاً: «عد إلى ختن بني إسرائيل مرّة أخرى» (يشوع 2:5). ولم يقل له كما قال لإبراهيم: «ابن ثمانية أيّام يختن كل ذكر منكم من جيل إلى جيل» (التكوين 12:17).
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا إذاً استمر اليهود في الختان رغم إلغائه في زمن يعقوب؟
ويجيب المؤلّف على ذلك بأنه بعد موت يشوع «نشأ من بعده جيل آخر لا يعرف الرب ولا ما صنع إلى إسرائيل.
فصنع بنو إسرائيل الشر في عيني الرب وعبدوا البعل وتركوا الرب، إله آبائهم» (القضاة 10:2-12).
وقد تم في عصر الملك يوشيا العثور على سفر الشريعة في بيت الرب.
فعرف أن الشعب قد ترك أوامر الله (2 أخبار 14:32-21) إذ رجع إلى عادة الختان الوحشيّة: «فسد الذين ولدهم بلا عيب، جيل شرّير مُعوج» (تثنية 5:32). فأعطى الملك أمراً بالمحافظة على ما جاء في سفر الشريعة من جديد «ليعملوا بكلام العهد المكتوب في هذا السفر، وألزم به جميع الذين كانوا في أورشليم وبنيامين، ففعل سكّان أورشليم بحسب عهد الله، إله آبائهم. وأزال يوشيا كل القبائح من جميع بلاد بني إسرائيل» (2 أخبار 31:34-33).
وحتّى يثني الشعب من ممارسة الختان أقام عيد الفصح من جديد (2 أخبار 53:1).
وهكذا تم إلغاء الختان. وعندما نُفي اليهود إلى بابل، نسوا مجدّداً عهد الله فعادوا إلى الختان بسبب عادات الشعوب المحيطة بهم.
وبعد رجوعهم من المنفى نسوا نص التوراة كما نسوا اللغة العبريّة وخصائصها التي تكلّمنا عنها.
وهكذا استمر اليهود في ممارسة عادة الختان البذيئة حتّى يومنا هذا.
ينتهي هنا مقال أمين عام «جمعية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم».
وهو يعتمد على تأويل جديد لنصوص التوراة كوسيلة لإقناع قومه الذي يتمسّك بصورة شديدة بحرف التوراة.
وقد يشكّك بعض اليهود والأصوليّين المسيحيّين في هذا التفسير ولكن لا ندري مدى تأثيره على الأكثريّة اليهوديّة الساحقة التي تمارس الختان في إسرائيل وخارجها.
وفي كلامي معه أخبرته بأن هذه النظرة تتطلّب أوّلاً الإيمان بقصّة أمر الله لإبراهيم بالختان.
وهذه القصّة الغريبة التي يستهجنها العقل لا تقل غرابة عن قصّة مصارعة الله ليعقوب وتغلّب هذا الأخير عليه.
فلماذا إذاً لا نسدل الستار على كل هذه الخرافات من بدايتها ونرفض الانصياع لها؟
وقد حاولت في يناير 1998 جمعية يهوديّة أخرى معارضة للختان في إسرائيل اسمها «الجمعية المعارضة لبتر الأعضاء الجنسيّة للأطفال» الحصول على قرار من المحكمة الإسرائيليّة العليا يجعل من ختان الذكور مخالفاً للقانون الخاص بكرامة الإنسان وحرّيته، ويفرض إجراءه في المستشفيات مثله مثل العمليّات الجراحيّة الأخرى بعد الحصول على موافقة خطّية من الأهل.
وتطلب الجمعية من المحكمة أن تفرض مناقشة هذا الأمر على وزارتي الصحّة والشؤون الدينيّة، والمدّعي العام والهيئة الخاصّة بمراقبة الموهيلين .
وقد قَبلت المحكمة دعوى الجمعية، ممّا أزعج المدّعي العام الذي اعتبر بأنه من غير المعقول أن تكون إسرائيل هي الدولة والوحيدة في العالم التي تمنع ختان الذكور.
غير أن المحكمة عادت ورفضت القضيّة في مايو 1999 دون تقديم أسباب لذلك الرفض، مكتفية برد الحكومة.
وقد أوضح مقال صادر في إحدى الصحف الإسرائيليّة المشاكل التي يلاقيها رافضو الختان في إسرائيل.
فهذه أم يهوديّة رفضت أن يختن ابنها. فهدّدها أبوها بحرمانها من الميراث وقد قطع والدا الأم كل علاقة لهما مع ابنتهما.
وصديق للعائلة شبّه الزوجين بهتلر واتهمهما بمحاولة هدم اليهوديّة. ويذكر المقال إن هذين الزوجين لهما صلة مع قرابة 30 عائلة يهوديّة في إسرائيل ترفض ختان أطفالها.
ورغم أنها تعتبر نفسها علمانيّة، فهي ليست ضد مراسيم الختان إن توقّفت هذه المراسيم عند حد الكلام ولم تتعدّاه إلى قطع قضيب الطفل.
وهذه العائلات تحاول التضامن مع عائلات أخرى وتعطي لها النصائح في مواجهة ضغط الأهل.
وقد ذكرت عائلة أخرى أن جد الطفل رفض مس الطفل أو النظر إليه وقد قطع كل علاقة مع العائلة.
وقد أوضحت أم الطفل بأن في إسرائيل أطفال ينتمون إلى أجناس مختلفة ولا سبب لجعل شكل ذكرهم علامة الوحدة بينهم.
ويذكر أب الطفل أن رفضه للختان بدأ بعد معاينته يهوديّاً يصرخ فعندها عادت به الذكريات إلى ختانه.
ممّا يعني له أن الختان يترك في أعماق الشخص أثراً مؤلماً، وقد دعّمت رفضه للختان معاينته صورة له وهو يصرخ من الألم في عمليّة ختانه بينما الكل من حوله لا يعير صراخه أي اهتمام. ثم أحس بالاشمئزاز كل مرّة حضر فيها ختان طفل.
وأمّا الأم، فهي ترى في الختان مخالفة لكمال خلق الطبيعة وكسراً لعلاقة الثقة بين الطفل والأم التي ترفض حمايته من الألم. وهي تستشهد بقول أمّهات لاحظت اختلافا في علاقتهن مع أطفالهن بعد الختان.
ومن الواضح أن آراء هذا التيّار متأثّر بآراء الجمعيّات الأمريكيّة المعادية للختان التي تبث دعايتها من خلال شبكة الأنترنيت والتي هي باتصال مع هذا التيّار الإسرائيلي وتدعمه.
ويشير المقال إلى أن موضوع الختان في إسرائيل يدخل ضمن المحرَّمات خوفاً من رجال الدين اليهود.
فالأطبّاء يتفادون التكلّم في هذا الموضوع. وعندما حاول طبيب في مستشفى مدينة «العفوّلة» القيام ببحث لمعرفة آثار الختان على اللذّة الجنسيّة رفض أحد المستشفيات إعطاء قائمة بأسماء الأشخاص الذين تم ختانهم كباراً رغم أن مثل تلك القائمة تُقدّم بصورة روتينيّة لغيرها من العمليّات للقيام بالبحوث.
وأضاف أحد أعضاء الجمعية المذكورة أنه لم يتمكّن من الحصول على أيّة مساعدة من جمعيّات حماية حقوق الإنسان في إسرائيل أو من جمعيّات اليهود المجدّدين.
ويوضّح المقال أن عدم الختان يخلق مشكلة لغير المختونين في إسرائيل.
فاليهود الذين لم يختنوا أطفالهم خلال الحرب العالميّة الثانية ختنوهم عندما جاؤوا إلى إسرائيل. وكذلك الأمر بالنسبة لليهود السوفييت.
وقد ذكر أحد الشباب بأنه يخفي عدم ختانه معتبراً ذلك سرّاً.
والختان يتم في إسرائيل لعدّة أسباب: هناك الضغوط الاجتماعية، وهناك الرأي القائل بأنه إذا كان مفيداً للولايات المتّحدة فهو مفيد لنا.
وهناك أيضاً عدم وجود قانون يفرض الختان يتمرّد الإنسان ضدّه.
فلو كان هناك قانون يفرض الختان في إسرائيل، فإن عدداً كبيراً من اليهود العلمانيين سوف يتمرّد عليه ويرفض الختان.
التسميات
ختان