رؤية متكاملة للشخصية: استكشاف الأسس الفلسفية والمنهجية للمنهج الإكلينيكي في فهم السلوك الإنساني

مسلمات المنهج الإكلينيكي: رؤية شاملة ومتكاملة للشخصية

يمثل المنهج الإكلينيكي أسلوبًا فريدًا في دراسة الشخصية الإنسانية، حيث يسعى إلى توفير فهم شامل ومتكامل للسلوك الإنساني في سياقه الكلي. يتبنى هذا المنهج مجموعة من المسلمات الأساسية التي توجه عملية التقييم والعلاج، ومن أبرز هذه المسلمات:

1. التصور الدينامي للشخصية:

  • الشخصية كصراع مستمر: لا ينظر المنهج الإكلينيكي إلى الشخصية على أنها كتلة ثابتة من الصفات، بل يراها ككيان ديناميكي يتشكل ويتطور باستمرار نتيجة الصراع بين القوى الداخلية المختلفة. هذا الصراع قد يكون بين الرغبات والمخاوف، أو بين "الأنا" و"الأنا العليا"، أو بين الدوافع الواعية وغير الواعية.
  • الأهمية البالغة للصراع: يعتبر الصراع محركًا أساسيًا للسلوك الإنساني، وكل سلوك يمكن تفسيره في ضوء الصراعات التي يعيشها الفرد. إن فهم هذه الصراعات هو مفتاح فهم الشخصية وتوجيه العلاج.

2. الشخصية كوحدة كلية حالية:

  • الأعراض كجزء من الكل: لا يقتصر المنهج الإكلينيكي على دراسة الأعراض المعزولة، بل يرى فيها تعبيرات عن حالة الشخص النفسية ككل. أي أن الأعراض هي مجرد قمة جبل الجليد، وهناك الكثير مما يحدث تحت السطح.
  • الأهمية السياقية للسلوك: لا يمكن فهم السلوك الإنساني بمعزل عن السياق الذي يحدث فيه. فالسلوك نفسه قد يحمل معانٍ مختلفة اعتمادًا على الظروف المحيطة بالفرد.
  • دور الإكلينيكي في فهم الوحدة الكلية: يهدف الإكلينيكي إلى ربط الأعراض بسيرة الفرد وتاريخه، وفهم كيف تساهم هذه الأعراض في الحفاظ على التوازن النفسي للشخص، مهما كان هذا التوازن هشًا.

3. الشخصية كوحدة كلية زمنية:

  • الأبعاد الزمنية للشخصية: لا يمكن فهم الشخصية في لحظة زمنية معينة، بل يجب النظر إليها على أنها مسار تطوري يمتد من الماضي إلى الحاضر وصولًا إلى المستقبل.
  • أهمية التاريخ الشخصي: يلعب التاريخ الشخصي دورًا حاسمًا في تشكيل الشخصية، حيث يحمل في طياته الأحداث المؤثرة والخبرات التي شكلت هوية الفرد.
  • التشخيص كعملية ديناميكية: لا يعتبر التشخيص في المنهج الإكلينيكي عملية ثابتة، بل هي عملية مستمرة تتطلب إعادة تقييم مستمرة في ضوء التغيرات التي تحدث في حياة الفرد.

خاتمة:

يعتبر المنهج الإكلينيكي منهجًا شموليًا يهدف إلى فهم الشخص ككل في سياقه الزمني والسياقي. من خلال التركيز على الديناميكية الداخلية للشخصية، وعلى أهمية الصراع والتاريخ الشخصي، يوفر هذا المنهج إطارًا مفيدًا لتقييم وعلاج المشكلات النفسية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال