حكم التبرع بالدم.. التقليل من مخاطر حدوث النوبات القلبية

بناءً على ما مر في التخريج الشرعي لعملية نقل الدم والذي ظهر فيه أن عملية نقل الدم عبارة عن عقد تبرع (هبة)، وحكم هذا العقد في الأصل هو الندب؛ فحكم التبرع بالدم في الظروف والأحوال العادية هو الندب والاستحباب؛ لأنه من باب التعاون على البر والتقوى، يقول تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: ٢).

والتبرع بالدم من أعظم القربات إلى الله تعالى ([1])؛ لأنه قد يتوقف عليه إنقاذ حياة إنسان من موت محقق؛ خاصة إذا كانت زمرة دمه من الزمر قليلة الوجود، كما أن فيه فوائد جمة للمتبرع؛ ذلك أن سحب كمية معتدلة من الدم ينشط تكوين الدم في الجسم، ويجدد خلايا الدم، فيعيد للجسم كله النشاط والحيوية، وتشير بعض الدراسات العلمية الحديثة إلى أن التبرع بالدم يقلل من مخاطر حدوث النوبات القلبية([2]).

لكن قد تعتري عملية نقل الدم الأحكام التكليفية الخمسة؛ فيكون واجباً إذا تعين دم إنسان بزمرته لإنقاذ آخر، ودمه من نفس الزمرة، وفي هذا إعمال للقاعدة الفقهية "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" ([3])، وهو مكروه إذا كان فيه إضعاف لبدن المتبرع، وهو حرام إذا كان فيه إهلاك للمتبرع أو المتبرع له.

([1]) القرضاوي، زراعة الأعضاء، ص32، كنعان، الموسوعة الفقهية والطبية، ص464.
([2]) كنعان، الموسوعة الفقهية والطبية، ص464.
([3]) الزرقا، أحمد بن الشيخ محمد الزرقا، شرح القواعد الفقهية، علق عليه: مصطفى الزرقا، دار القلم، سوريا، 1409هـ، ط2، ص486.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال