أثر نقل الدم في ثبوت المحرمية.. من وظائف الدم حمل الغذاء إلى سائر أجزاء البدن وتحريك عضلة البدن ونشر الحرارة في سائر البدن والدفاع المستمر عن الجسم

أثر نقل الدم في ثبوت المحرمية:
إذا تم نقل الدم بين شخصين فأعطى الأول دمه للثاني فهل تتأثر علاقتهما ببعضهما بعد أخذ الدم قياساً على لبن الآدمي الذي تثبت بسببه حرمة كحرمة النسب كما قال النبي (ص): "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" ([1]) والذي يجمع بينهما كونهما سائلين ينتفع بهما؛ فالحليب للغذاء وبناء الجسم، والدم لنقل الغذاء وقوة الجسم؟ أم أن هذا النقل لا علاقة له بالتحريم؟

حتى يستبين الحكم الشرعي لا بد من بيان طبيعة حليب الأم ووظيفته، وطبيعة الدم ووظيفته:

أ‌)- طبيعة حليب الأم ووظيفته ([2]):
يتكون حليب الأم من مواد أساسية في الغذاء هي، الزلال، والدسم،و السكر، و الأملاح، و الفيتامينات، والخمائر؛ لهذا يسهل هضمه وابتلاعه ويتغذى  به الجسم فيقوى به العظم وينبت به اللحم.

وقد عرف في القاموس الطبي بأنه: "اللبن المخلوق في الثدي لتغذية الأطفال"، وهو طعام كامل تقريباً يحتوي على المواد الضرورية للنمو وخاصة الكربوهيدرات والبروتينات والدهون والعناصر والأملاح غير العضوية والفيتامينات، ويحتوي على كمية من المضادات تعطي للطفل المناعة ضد أمراض معينة لفترة من الوقت ([3]).

ب‌)- إن الدم – كما مر سابقاً – سائل مركب من عدة مواد، من أهم وظائفه حمل الغذاء إلى سائر أجزاء البدن وتحريك عضلة البدن ونشر الحرارة في سائر البدن والدفاع المستمر عن الجسم.

الفروق بين الحليب، والدم:
1- الحليب في غالب أحواله غذاء، والدم في غالب أحواله دواء.

2- يساعد الحليب في نبات اللحم وقوة العظم، بينما لا يتكون من الدم لحم أو عظم، بل تموت الكريات الحمراء بعد يومين أو ثلاثة.

3- يعتبر الحليب من المطعومات بالنسبة للصغير، أما الدم فلا يعتبر من المطعومات أوالمشروبات للكبار أو الصغار.

4- يتناول الحليب في حال السعة والاضطرار، بينما ينقل الدم في حالة الاضطرار.

5- اختلاف المباني يدل على اختلاف المعاني، واختلاف المسميات يدل على تغاير الذوات، فالدم غير الحليب من حيث اللون والطعم والرائحة.

6- أعد الحليب في الأصل ليخرج من الجسم، أما الدم فإنه أعد في الأصل ليبقى في الجسم.

7- الأصل في الحليب الطهارة عند معظم الفقهاء، أما الدم البشري فالخلاف واسع في طهارته ([4]).

بناء على ما سبق فلا يأخذ التبرع بالدم حكم الرضاع من حيث ثبوت المحرمية حتى لو كان نقل الدم لطفل دون السنتين؛ للفروق التي سبق ذكرها، إضافة إلى أن النص ورد فقط في الرضاع لا في الدم فيبقى الدم على الحكم الأصلي ألا وهو الحل لأن الأصل في الأشياء الحل، ولأن التحريم لا يثبت إلا بنص صحيح صريح، ولم يرد نص شرعي بثبوت التحريم بسبب نقل الدم ([5]).

([1]) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الشهادات، باب الشهادة على الأنساب والرضاع، ج2، ص935، حديث رقم2502.
([2]) اللبدي، القاموس الطبي، ص404.  
([3]) اللبدي، القاموس الطبي، ص404.
([4]) صافي، نقل الدم وأحكامه الشرعية، ص43، النتشة، المسائل الطبية المستجدة، ج2، ص382، داود، مدى مشروعية الاستشفاء بالدم البشري، ص329-341. عرجاوي، أحكام نقل الدم، ص 374-381.
([5])  مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م، الجماس، المرشد الفقهي في الطب، ص333.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال