حكم التصرف بالدم مقابل عوض.. ما يدفعه المتبرّع له للمتبرع من مال مقابل النفقات والمصاريف التي يتحملها المتبرع لقاء التحاليل الطبية والأدوية

أخذ عوض مادي متفق عليه مسبقا بين معطي الدم وآخذه بأي صورة كان هذا العوض محرم شرعا كما بينا سابقا، ويستثنى من هذا الحكم حالات يجوز فيها للمتبرع بالدم أخذ مكافأة، كما يجوز للمريض المحتاج للدم بذل المكافأة، وفيما يأتي ذكر هذه الحالات:
الأولى: أن يُعطى المتبرع مقابلا – ماديا أو معنويا - على سبيل الهدية أو المكافأة؛ تشجيعاً له على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري([1])؛ لأن النبي (ص) قال: "من اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لم تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا له حتى تَرَوْا أَنَّكُمْ قد كَافَأْتُمُوهُ" ([2])، وهذا في الغالب يكون من الدولة إذا رأت الناس قد تهاونوا أو أحجموا عن بذل الدم للمحتاجين، وهذا يعد من باب السياسة الشرعية وإصلاح الناس عملاً بقاعدة تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة([3])؛ فالإمام مأمور بأن يتصرف في رعيته بما يحقق مصالحهم في العاجل والآجل، وهذا الفعل في صالح الناس، أو وظيفة معينة، أو أي شيء يراه الإمام أومن يقوم مقامه في هذا المجال.
الثانية: في حال الاضطرار وليس ثمة متبرع إلا شخص واحد واشترط العوض على تبرعه بالدم، ففي مثل هذه الحالة يجوز بذل المال من المحتاج لهذا الشخص؛ لضرورة حفظ النفس التي قاربت على الهلاك،  ويكون الإثم على الآخذ لا المعطي، فقد باع الآخذ شيئاً محرماً لا يجوز بيعه، فثمنه حرام، والضرورة اللاحقة بالمضطر أو أهله رفعت الإثم عنهم([4]).
الثالثة: ما يدفعه المتبرّع له للمتبرع من مال مقابل النفقات والمصاريف التي يتحملها المتبرع لقاء التحاليل الطبية والأدوية التي يحتاجها المتبرع فحكمه الجواز؛ لأنه مقابل نفقات فعلية، وليس عوضا للدم المتبرع به ([5]).

([1]) القرضاوي، زراعة الأعضاء في ضوء الشريعة الإسلامية، ص32، الفجال، أحكام التصرف في الدم البشري، ص317.
([2]) أبو داود، سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب عَطِيَّةِ من سَأَلَ بِاللَّهِ ج2، ص128، حديث رقم 1672، قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الأوسط وفيه صالح بن أبي الأخضر وقد وثق على ضعفه وبقية رجال أحمد ثقات. الهيثمي، مجمع الزوائد، ج8، ص181.
([3]) الزركشي، المنثور في القواعد، ص309.
([4]) فتوى المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، الدورة الحادية عشرة، مكة المكرمة، 13 رجب 1409هـ، سطحي، نقل وزرع الأعضاء البشرية، ص44، عبد السميع، نقل وزراعة الأعضاء البشرية، ص47.
([5]) سطحي، نقل وزرع الأعضاء البشرية، ص44
أحدث أقدم

نموذج الاتصال