علاج العقم.. قبول فكرة استحالة الإنجاب ومحاولة البحث عن معنى وعن بدائل صحية للحياة في غياب فرصة الإنجاب

لا يوجد في مصر والعالم العربي – حسب علمي – معالجون نفسيون متخصصون في التعامل مع حالات العقم وبالتالي فإن التدخلات العلاجية القائمة تعتمد كثيرا على اجتهادات شخصية وعلى مساندات عامة.
يضاف إلى هذا نقص وعي من يحتجن المساعدة النفسية بما يمكن أن يقدمه هذا التخصص لهن, فهن لا يدركن الكثير من الأسباب النفسية للعقم (سالفة الذكر) ويركزان طول الوقت على الأسباب العضوية، وحتى إذا مرضت إحداهن مرضا نفسيا بسبب تداعيات العقم فإنها تعبر عن مرضها بأعراض جسدية غالبا وتتجه بها إلى تخصصات أخرى بعيدة عن لب المشكلة.
وإذا تجاوزنا العقبات سالفة الذكر وجاءت المرأة أو جاء الزوجان للعلاج فإن الهدف الأساس هنا هو مساعدتهما على التعامل الصحي مع مشاكلهما النفسية والجسدية وتقليل آثار هذه المشاكل ومضاعفاتها على الطرفين.
ودور المعالج هنا سيختلف من مرحلة لأخرى ومن حالة لأخرى، ففي بعض الحالات سيكون دوره توضيح الأبعاد الجسمية والنفسية والاجتماعية للطرفين وتصحيح تصوراتهما عن مشكلة العقم.
وفي حالات ثانية سيكون دوره تحسين العلاقة بين الطرفين من خلال تقليل مشاعر الغضب ومشاعر الذنب بينهما وبالتالي زيادة تحالفهما لمواجهة المشكلة وإدارتها بشكل سليم.
وفي حالات ثالثة سيساعد المعالج الزوجين على اتخاذ قرارات بشأن التدخلات العلاجية المقترحة وتوقيتها.
وفي حالات رابعة ربما يساعدهما على قبول فكرة استحالة الإنجاب ومحاولة البحث عن معنى وعن بدائل صحية لحياتهما في غياب فرصة الإنجاب.
وفي حالات خامسة ربما يتعامل المعالج مع الاضطرابات النفسية الناشئة عن العقم لدى أحد الطرفين أو كليهما مثل القلق والاكتئاب الاضطرابات النفسجسدية أو الاضطرابات جسدية الشكل أو الاضطراب في العلاقة بينهما.
وحين تأتي المرأة العقيم للعلاج فإن أول خطوة هي مساعدتها على التعبير والتنفيس عن مشاعرها تجاه فقد القدرة على الإنجاب وعدم لومها على ذلك أو محاولة إخفاء هذه المشاعر لأي سبب من الأسباب.
ثانياً رؤية الأمور بشكل موضوعي فإذا كان ثمة أمل في الحمل فلا بأس من استمرار المحاولات خاصة أن وسائل المساعدة قد تعددت في هذا المجال.
أما إذا كانت الظروف تقضي باستحالة الحمل فيجب مساعدة الزوجين على قبول هذا الأمر وإيجاد صيغة لحياتهما تكون مريحة للطرفين وتجعل لحياتهما معنى حتى في عدم وجود الحمل، فهناك الكثير من الأزواج الذين عاشوا سعداء وتجدد حبهم وإخلاصهم في مثل هذه الظروف.
وإذا كانت الزوجة قد أصابها القلق أو الاكتئاب أو الاضطرابات النفسجسدية فيجب إعطاء العلاج الطبي اللازم لهذه الحالات مع التأكيد للزوجين على أهمية العوامل النفسية في الصحة الإنجابية، وقد أثبتت كثير من الأبحاث حدوث الحمل بعد استقرار الحالة النفسية.
وهناك بعض الإرشادات العامة للمرأة العقيم نوردها فيما يلي:
- ابدئي وواصلي العلاج بعقل متفتح وروح إيجابية متفائلة ولا تيأسي أبدا من رحمة الله وفضله.
- لا تختزلي حياتك في هذه المشكلة وحاولي أن تشبعي الجوانب الأخرى مثل العبادة والعمل والعلاقات الشخصية والأسرية والهوايات والاهتمامات, فإذا كان العقم قد أصاب جزءا من جسدك فلا تزال هناك أجزاءً في جسدك ونفسك شديدة الخصوبة وقادرة على العطاء ولا يزال العالم من حولك شديد الخصوبة بفرص الإبداع والإنجاز والاستمتاع المشروع.
- لا تحزني على ما افتقدته طول الوقت ولكن افرحي بما منحك الله إياه من نعم أخرى، وتأكدي دائما من عدل الله فهو –سبحانه– حين يسلب أحدا شيئا فإن هذا يحدث لحكمة يعلمها، وهو بالتالي يعوضه عنها (في حالة صبره واحتسابه) الخير الكثير في الدنيا والآخرة.
- ابتعدي قدر الإمكان عن الأشخاص الذين يسببون لك جرحا بسبب تساؤلاتهم المحرجة أو الشامتة واقتربي أكثر من أولئك الذين يقدرونك لشخصك ولا يعيرونك بنقصك.
- أنت في الواقع تعيشين أزمة، وأنت لست الوحيدة في هذا الوضع فكل إنسان لديه شيء يشغله أو يسبب له قلقا أو حزنا، وهكذا الدنيا لا تكتمل أبدا لأحد، لأنها لو اكتملت لأصبحت جنة، وهي ليست كذلك، إذن فمن الحكمة أن نستفيد ونستمتع بما منحنا لله إياه وأن نتجاوز–قدر الإمكان– عما حجبه عنا وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
- تعلمي مهارات التعامل مع الضغوط النفسية عن طريق القراءة في هذه الموضوعات أو التدريب على يد أحد المتخصصين, وإذا شعرت بالعجز في أي وقت فلا تترددي في طلب المساعدة فلكل داء دواء.
- يمكنك الاشتراك في بعض مجموعات المساعدة الذاتية حيث تجدين حالات مثلك تتبادلين معهن الخبرات والمشاعر.
- حاولي أن تتسامى باحتياجات الأمومة لديك من خلال زيارة دور الأيتام وكفالتهم ماديا ومعنويا.
وإذا لم يكن ذلك كافيا فيمكنك التفكير في كفالة طفل أو طفلة فتشبعين أمومتك وتنالين جزاءا عظيما من الله.
- تأكدي من وجود خيارات أخرى كثيرة في حياتك حتى لا تعيشي طول الوقت في نفق مشكلة الإنجاب.
- لا تخجلي من الحديث عن مشاعرك السلبية والإيجابية مع زوجك أو إحدى قريباتك أو صديقاتك المخلصات. وإذا لم تجدي أحدا يسمعك فيمكنك الحديث مع معالجة نفسية أو معالج فلديهما الضمانات القانونية والأخلاقية للحفاظ على أسرارك كما أن لديهما القدرة على المساعدة.
- كوني رقيقة مع نفسك ورفيقة بها وحاولي التخفيف من معاناتها وإسعادها بوسائل مختلفة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال