الواسمات الوراثية والتطور.. الأعـين الزرقاء والشعر البني والجلد الأشقر وقصر القامة تعبيرات مظهرية للتنوع الوراثي

التنوع يحكم الكون من المادة الجامدة إلى الكائنات الحية، من الظواهر الملحوظة إلى عمليات التفكير المعقدة، من الأفكار إلى المنتجات الملموسة المصنعة.

إن التباين والتعدد هو السمة التي تميز كل ما يمكن أن نفكر فيه ووجود الحياة ذاته يتميز بالتنوع الوراثي البلايين من الأنـواع الحية تعمر الأرض وكل منها يمثل تجليات مخطط كوني وهذا ينسق ظهور وتنامي كل أشـكال الحياة من خلال الضغط الانتخابي للتطور.

وإن ما يميز تعدد الأنواع هو تفرد كل فرد مـن أي نوع بمميزات خاصة به، فان كل البشر مختلفون في كل خصائصهم الجسدية والعقلية فالأعـين الزرقاء، والشعر البني، والجلد الأشقر، وقصر القامة، كلها تعبيرات مظهرية للتنوع الوراثي.

ونفس الشيء للصفات السلوكية مثل التعلم والذاكرة والمزاج الهادئ أو السيء.
تمت أول دراسة منهجية التي أجريت عن هذه التباينات على ذبابة الفاكهة لا على البشر فمعدل تكاثر هذه الحشرة سريع بحيث تظهر التغيرات الو راثية بسرعة ولقد تبدو كل ذبابات الفـاكهة متشابه.

لكنها ليست كذلك، إنها تفصح مثل كل الأنواع الحية عن مجال عريض من الصفات المظهرية.

الذي يحدد الفرق بين الأنواع هو إننا كبشر ربما كانت جزيئات دننا أطول من جزيئات دنـا الحيوانات والنباتات، فطول الطاقم الوراثي للبكتـريا هو 4.7 ملـيون زوج من القواعـد، والخميرة 15 مليون، ذبابة الفاكهة 155 مليونا، وللبشر 3000 مليون.

على أن هنـاك الكثير من الاستثناءات لهذه القاعدة؛ فللكثير من الأنواع الأدنى جزيئات دنا أطول من جزيئات دنا الإنسان؛ فجزيء دنا الفأر مثل البشر، أما الذرة 5000 مليون، بينما زهرة السوسن9000 مليون.

وهذه الاستثناءات تشكل تناقضا وهي لا ترتبط ارتباط مباشرا بتعقيد الكـائن الحـي.
والتباين المظهري ينتج عن التباينات الوراثية.

فهذه الفروق بين جزيئات الدنا تتوزع عشوائيا على طول الجزيء فقد تكون ناتجة عن طفـرات "استبدال نيوتيدة بأخرى" أو حذف نيوتيدة أو أكثر.

وهذه التباينات التي يمكن تشبيهها بعلامات على طول سلسلة الدنا تسمى "الواسمات الو راثية".
أحدث أقدم

نموذج الاتصال