لا شك أن الغضب من أكثر العواطف ضرراً على القلب، ولا غرابة أن نجد من الأطباء من يتحدث عن تأثيرات الغضب وكأنه تأثير سميّ قاتل، وهذا مايفهم من قول الله تعالى "قل موتوا بغيظكم" (آل عمران 119) فكأن الغيظ يمكن أن يؤدي عملياً للموت بشكل أو آخر.
وأبدت دراسة حديثة أن الرجال سريعي التوتر والغضب أكثر عرضة من نظرائهم الأكثر هدوءا للإصابة بأزمة قلبية بحوالي ثلاث مرات، وحتى وإن لم يكن لديهم قصة عائلية لجلطة في القلب.
وهناك علاقة مباشرة بين شدة الغضب والعدوانية، وبين شدة الإصابة بأمراض القلب التاجية، وهذا لا يعني بالضرورة أن الغضب بنفسه هو سبب النوبات القلبية، ولكنه أحد العوامل المهيئة لمرض شرايين القلب.
والغاضبون أو الذين يتصفون بالعدوانية هم أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة الضعفين.
وقد أكدت الدراسات أن هرمون الأدرينالين والنور أدرينالين يتضاعف مستواهما في الدم عندما يكون الإنسان في وضعية الوقوف، ويزداد مستواهما أكثر عندما يكون الإنسان في حالة الغضب أو الانفعال.
وهذان الهرمونان مسؤولان عن الفرار أو المواجهة Fight or Flight، حيث يزيدان من عدد ضربات القلب، ويرفعان ضغط الدم، و يهيئان الجسم لوضعية المواجهة أو الهروب.
وعند تغيير وضعية الإنسان من الوقوف إلى الاضطجاع يخف مستوى إفراز هذين الهرمونين وتخف حدة الغضب.
وهذا مصداق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من 14 قرنا حيث يقول: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع) رواه أبو داود في سننه.
والشيء المبشر هو أنه يمكن تدريب المرضى الذين هم عرضة للنوبات القلبية على التخفيف من حدة ردود أفعالهم وغضبهم من خلال دورات تدريبية وذلك باستعمال مبادئ المعالجة النفسية والسلوكية.
ولابد عند التعامل مع مريض ما، ومهما كان مرضه أو أعراضه من الانتباه إلى الجوانب النفسية والعضوية معاً، فالجسد يتأثر بالنفس، وهي تتأثر به.
ولا تزال علاقة عواطف الإنسان بصحته العامة موضوعاً خصباً للمزيد من الدراسات والأبحاث من أجل تقديم أقصى ما يمكن من الرعاية الصحية كوقاية أولاً وكعلاج ثانياً.
التسميات
غضب