الاهتمام بالتنوع الحيوي.. تحديد تأثير الإنسان على الأنواع والمجتمعات والنظم البيئية وتقديم المقترحات العملية لمنع انقراض الأنواع الحية

الاهتمام بالتنوع الحيـوي
Concern of Biological Diversity

يرجع العلماء الاهتمام بالتنوع الحيوي إلى أربعة أسباب:
- السبب الأول يتمثل في حدة التهديدات الحالية غير المسبوقة للتنوع الحيوي، إذ أنه لم يحدث على مر التاريخ أن كان هذا الكم من الأنواع معرضا إلى التهديد بالانقراض خلال مثل هذه الحقبة الزمنية المحدودة.

- السبب الثاني هو أن تهديد التنوع الحيوي يتزايد نتيجة للزيادة السكانية السريعة التي تستهلك كميات أكبر من الموارد الطبيعية، ومما يزيد الأمر سوءا ما نعايشه من تطور تكنولوجي مستمر.

هذا الموقف ينذر بكارثة متفاقمة حيث إن كثيرا من الدول الاستوائية فقيرة إلى درجة أنها لا تستطيع أن تضع حماية تنوع ثرواتها الطبيعية ومن بينها التنوع الحيوي ضمن أولوياتها  الوطنية إذا ما قورنت بالتحديات الأخرى التي تواجهها سواء من انتشار الأمراض الخطيرة مثل الإيدز وغيره أو تخلف البنية الأساسية لتلك الدول.

- يتمثل السبب الثالث في أن العلماء باتوا اليوم متأكدين من أن الكثير من العوامل التي تهدد التنوع الحيوي متآزرة، بمعنى أن عددا من العوامل الفردية مثل الأمطار الحمضية وقطع الأشجار والصيد الجائر تتآزر في تأثيراتها ومضاعفاتها مما يزيد الموقف سوءا.

- وأخيرا يتمثل السبب الرابع في إدراك أن الظروف السيئة التي يتعرض لها التنوع الحيوي هي في الوقت ذاته، ستنعكس على الإنسان كذلك، إذ أن الإنسان يعتمد دائما على البيئة الطبيعية المحيطة في الحصول على احتياجاته من المواد الخام والطعام والدواء والماء الذي يشربه.

وقد برز علم الصون الحيوي نظرا لأن اتجاهات التخصصات التقليدية ليست كافية كلا منها على حدة للتعامل مع هذا المستوى من التهديدات الحرجة التي تجابه التنوع الحيوي.

فعلوم الزراعة والغابات وإدارة الحياة البرية وبيولوجيا الأسماك كلها اهتمت كعلوم في المقام الأول بتطوير أساليب لإدارة أعداد محدودة من الأنواع.
تلك الفروع من المعرفة لا توجه اهتمامها إلى حماية جميع الأنواع الموجودة في المجتمعات الحيوية.

أما علم الصون الحيوي فيتكامل مع الفروع التطبيقية ويعطي توجها نظريا عاما لحماية التنوع الحيوي، وهو يختلف عن تلك الفروع الأخرى في أنه يهدف في المقام الأول إلى ضمان حماية طويلة الأجل للمجتمع الحيوي بأكمله.

 ولهذا العلم هدفان:
- الأول هو البحث في مدى تأثير الإنسان على الأنواع، والمجتمعات والنظم البيئية.
- أما الثاني فهو تقديم المقترحات العملية لمنع انقراض الأنواع الحية، وإن أمكن إعادة تسكينها في أنظمة بيئية نشطة.

وإن العديد من قادة العمل في الصون الحيوي مارسوا العمل في حدائق الحيوان والحدائق النباتية، ولديهم خبراتهم في الحفاظ على الأنواع.

هناك فرق جوهري بين مفهوم الصون الحيوي وفروع العلم الأكاديمية، تتمثل في أن الصون الحيوي يحاول أن يقدم حلولا عملية يمكن تطبيقها تحت الظروف الحقلية، لمجموعة أسئلة محددة هذه الأسئلة تتعلق بكيفية اختيار أفضل الآليات وأسس تحديد أولويات حماية الأنواع النادرة وقواعد تصميم وإنشاء وإدارة المحميات الطبيعية، وبداية برامج الإكثار للإبقاء على التنوع الوراثي في المجموعات النادرة وكيفية التوفيق بين اهتمامات الصون ومتطلبات السكان المحليين.

إن الاختبار الحقيقي لنجاح علم الصون الحيوي هو مدى قدرته على صون الأنواع والمجتمعات الحيوية، فإذا تمكن نوع مهدد من البقاء في موائله الطبيعية وأن يواصل تطوره.

حينئذ يمكن القول إن هذا العلم قد أدى دوره لذا يعد الصون الحيوي هو العلم التطبيقي الذي يتعامل مع الأزمات، ولذا فإن علماء الصون الحيوي في المجالات المتصلة به يجب أن يكونوا مهيئين جيدا – كخبراء – لإسداء النصح إلى الحكومات والمؤسسات الصناعية والتجارية وتلبية الاحتياجات الشعبية العامة، لاتخاذ القرارات المصيرية، للمجتمعات الحيوية والأنواع المهددة بالانقراض.
ويمثل الصون الحيوي العمود الفقري لحماية الكائنات الحية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال